هل سمعت بمتلازمة كوتار؟!
هل تصدق شخصًا يخبرك بأنه ميت أو غير موجود على الإطلاق؟!
هل يمكن أن تصدق شخصًا يخبرك بأن عضو من أعضاء جسمه ميت أو مفقود؟!
وأخيرًا، هل يمكن أن تصدق شخصًا يخبرك بأنه سيصبح جثة خالدة إلى الأبد؟!
هيا بنا عزيزي القارئ/ة
نتعرف إلى متلازمة كوتار، أو متلازمة الجثة المتحركة أو متلازمة الجثمان السائر.
ما هي متلازمة كوتار؟
تُعرف بمتلازمة وهم كوتار أو بـ (Cotard syndrome)
هي نوع من أنواع الاضطرابات نفسية نادرة الحدوث، يتوهم الشخص المصاب بها بأنه ميِّت أو غير موجود، أو مُتعفن أو فقد دماءه أو أعضاءه الداخلية، وفي بعض الحالات النادرة يتوهم المصاب بها الخلود الجنة .
لا تحدث متلازمة الجثمان السائر بشكل منفرد، ولكن عادةً تحدث للأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية أخرى مثل الفصام الشخصية انتحال الشخصية الأخرى أو الاضطراب ثنائي القطب.
وتُدعى تلك المتلازمة باسم متلازمة الوهم العدمي (Nihilistic delusion)، إذ يؤمن المريض بأنه لم يعد لديه كيان، بل قد ينكر وجوده الذاتي من الأساس!
تُعد الإصابة بمتلازمة كوتار نادرة للغاية، إذ يوجد فقط حوالي 200 حالة موثقة حول العالم.
الجدير بالذكر أنه لم يُعترف بها كنوع من أنواع الأمراض النفسية، ولم تُسجل مطلقًا في “الدليل التشخيصي والإحصائي الخاص بالاضطرابات النفسية”.
تاريخ متلازمة كوتار
سميت بهذا الاسم نسبة للعالم الفرنسي “جول كوتار” هو أول من اكتشفها ووسمها في البداية باسم (هذيان النفي أو هذيان الإنكار)، عند معالجته لمريضة لديه رَمَزَ لها باسم مستعار (السيدة إكس).
قد عُرفت حالتها أنها كانت تؤمن بوجود لعنة أصابتها، وأنكرت على إثرها وجود أعضاء كثيرة من جسمها وأنها لا تحتاج إلى الطعام، وقد تُوفت هذه السيدة في النهاية نتيجة للجوع الشديد.
في إحدى محاضراته في باريس عام 1882 وصف متلازمة الجثة السائرة بأنها متفاوتة الشدة، من خفيفة إلى حادة إذ يشعر المريض المصاب بالحالة الخفيفة باليأس وكُره الذات وفي الحالة الحادة يعاني من الأوهام الشديدة والاكتئاب المزمن.
أعراض متلازمة كوتار
مما سبق ذكره عن متلازمة كوتار، فإن واحدًا من أهم أعراضها هو “الوهم العدمي”، ويعني: الاعتقاد التام بأنه لا فائدة ولا قيمة لأي شيء تفعله، والاعتقاد والإيمان التام بأن جزءًا منك مختفٍي أو متعفن أو أنك غير موجود من الأساس، هذا إلى جانب الأعراض النفسية التالية:
الاكتئاب الحاد: 89% من المصابين بها يعانون الاكتئاب الحاد عرضًا جانبيًّا.
القلق النفسي الشديد.
القلق الشديد بما يتعلق بالصحة.
التوتر الشديد.
الهلاوس والضلالات.
الشعور الدائم بالذنب.
الميل إلى إيذاء الذات.
مراحل تطور متلازمة كوتار
تنقسم مراحل تطور متلازمة وهم كوتار إلى ثلاث مراحل:
الأولى (Germination stage):
قد يظهر على المريض علامات الاكتئاب والقلق الشديد والخوف الزائد من الإصابة بأي مرض.
الثانية (Blooming stage):
يعاني المريض أعراض المرض الأساسية مثل التوهم بأنه ميت أو خالد، ويرافق هذه المرحلة شعور المريض بالقلق والسلبية.
الثالثة (Chronic stage) :
ويعاني المريض فيها من اكتئاب حاد نتيجة الإصابة بخلل عاطفي وجنون العظمة.
أسباب متلازمة كوتار
لا يعلم الباحثون إلى الآن السبب الرئيسي وراء الإصابة بتلك المتلازمة، لكن هناك بعض العلامات المميزة لها، مثل:
أنها تصيب البشر في سن الخمسين بنسبة كبيرة.
تصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال.
قد تصاحب متلازمة أخرى وهي “متلازمة كابجراس“، إذ يتوهم فيها المريض بأن أفراد عائلته استُبدلوا بأشخاص آخرين محتالين وزائفين.
بعض الأمراض النفسية التي تزيد من فرص الإصابة بمتلازمة كوتار:
الاضطراب الوجداني ثنائي القطب (Bipolar disorder).
الاكتئاب الذهاني (Psychotic depression).
اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum depression).
اضطراب تبدد الشخصية (Depersonalization disorder).
اضطراب الهوية الانفصالي (Dissociative disorder).
الجامودي (Catatonia).
الفصام (Schizophrenia).
اضطراب الشخصية المتعدد(Multiple personality disorder).
بعض الأمراض العصبية التي تزيد من فرص الإصابة بمتلازمة كوتار:
أورام المخ (Brain tumors).
عدوى المخ (Brain infections).
الصرع (Epilepsy).
الصداع النصفي (Migraines).
الخرف (Dementia).
الألزهايمر(Alzheimer’s disease).
السكتة الدماغية (Stroke).
التصلب المتعدد (Multiple sclerosis).
الشلل الرعاش أو الباركنسون (Parkinson’s disease).
حادث السير أو ضربة على الرأس
كيف يمكن تشخيص متلازمة وهم كوتار؟
تشخيص المريض المصاب صعب للغاية، فقد ذكرنا أن هذه المتلازمة غير معترف بها في “الدليل التشخيصي والإحصائي الخاص بالاضطرابات النفسية”، ولذلك لا يوجد لها معايير محددة أو طرق تشخيصية سليمة للكشف عنها.
لكن في معظم الحالات يمكن تشخيص “متلازمة وهم كوتار” بعد استبعاد الأمراض النفسية الأخرى، والأهم من ذلك أنها عادة ما تصاحب أمراضًا نفسية أخرى، مثل: الاكتئاب الحاد، أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب.
مخاطر ومضاعفات متلازمة كوتار
يمكن أن يتسبب الشعور الدائم للمريض واعتقاده المستمر بأنه ميت أو غير موجود في بعض المضاعفات منها:
التوقف عن تناول الطعام والشراب.
التوقف عن الاستحمام والاهتمام بالنظافة الشخصية.
زيادة الشعور بالاكتئاب؛ نظرًا لبُعد الآخرين عنه نتيجة لعدم اهتمامه بنفسه.
مشكلات في الجلد والأسنان، نتيجة لإهمال النظافة الشخصية.
الشعور بالألم والجوع المستمر، وتصل في حالات متأخرة إلى سوء التغذية.
محاولات الانتحار؛ لرؤية بعض المرضى بأنها وسيلة لإثبات أنهم موتى فعلًا ولا يمكن لشخص مَيْت أن يموت مرة أخرى.
علاج متلازمة كوتار
يعتمد علاجها على علاج الأمراض النفسية المصاحبة لها في الأساس، لكن هناك بعض الخطوات المتبعة والأدوية النفسية التي قد تساعد في علاجها، أهمها:
العلاج النفسي والاجتماعي.
العلاج السلوكي المعرفي (Behavioral therapy).
أدوية مضادات الاكتئاب (Antidepressants).
أدوية مضادات الذهان (Antipsychotics).
مُثبتات المزاج (Mood stabilizers).
هذا إلى جانب العلاج بالصدمات الكهربية على الدماغ (Electroconvulsive therapy ECT) الذي أثبت فعاليته في التقليل من الأعراض المصاحبة لها، لكنه يستخدم ملاذًا أخيرًا؛ نظرًا لما يسببه من أعراض جانبية خطرة، مثل: فقدان الذاكرة المؤقت، وآلام العضلات، والشعور بالغثيان والقيء، لذلك يستخدم فقط في الحالات الصعبة وحالات الاكتئاب الحاد وتحت تخدير كلي للمريض.
ختامًا…
تُعد “متلازمة كوتار” أو “متلازمة وهم كوتار” اضطراب نفسي وعقلي شديد الخطورة، ويحتاج أيضًا إلى عناية طبية خاصة ومهارة عالية في تشخيصه…
للحفاظ على حياة المريض مِن وهمٍ لا وجود له!