هل أصبح الذكاء مشكلة؟
الذكاء هو إحدى الصفات التي تُميز الأشخاص عن بعضهم بعضا، ويختلف
الذكاء بمفهومه العام من موقع لآخر ومن بيئة لأخرى، كما أن نسبته تتفاوت من شخص لآخر تبعاً لذلك، لذا يوصف الطالب المتفوق في المدرسة بأنه ذكي، ويوصف الشخص القادر على استغلال واقتناص الفرص التجارية وتحقيق أفضل المكاسب التجارية بأنه شخص ذكي، أو كما يطلق عليه العامة، أن مخه تجاري. وفي دراسة حديثة أكد العلماء أن
الذكاء في الشخص البالغ ينقسم إلى قسمين: قسم بالوراثة، وهو القسم الذي اكتسبه الإنسان عن طريق انتقال الصفات الوراثية بالجينات، علماً بأن جينات
الذكاء تكون دائماً من جهة الأم، بمعنى آخر أن الأطفال لا يورثون
الذكاء من الأب، وقسم آخر متأثر بالبيئة، ويُعد أهم بكثير من القسم الوراثي، فقد يرث الشخص جينات ذكاء عالية، لكن البيئة التي يعيش فيها لا تُنمي أو تُحفز مستوى
الذكاء لديه، وبالعكس قد يرث الشخص جينات ذكاء منخفضة، لكن البيئة التي يعيش فيها تُحفز وتُنمي
الذكاء لديه. لذا فإن البيئة تلعب دوراً مهما ومؤثراً في مستوى
الذكاء لدى الأفراد، فالمدارس الأفضل والمنازل ذات المواصفات الأفضل ومقاييس الحياة الأعلى كلها عوامل إيجابية لزيادة
الذكاء لدى الأفراد غالباً. ومما سبق نجد أنه لا يوجد تعريف محدد للذكاء، ولكن إذا أردنا الوصول لتعريف
الذكاء بشكل عام، فهو الأداة التي تُمكن الأفراد والمجموعات من التأقلم بشكل أفضل مع الظروف المحيطة عن طريق استغلال ما هو موجود للوصول إلى حل مشكلة معينة. والذكاء مصطلح يتضمن عادة كثيرا من القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشكلات، وسرعة المحاكمات العقلية، والقدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم، كما يتضمن أيضاً ـــ حسب بعض العلماء ـــ القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين. والذكاء لا يعتمد على جنس الإنسان، فالفرص متشابهة في الإبداع العقلي والفكري بين الجنسين في عديد من المجالات. وللذكاء أنواع متعددة منها
الذكاء الشخص الداخلي والاجتماعي والعاطفي والمهني واللغوي، والمنطقي الرياضي، الجسدي أو الحركي، والموسيقي... إلخ. فالذكاء الشخصي الداخلي، يتعلق بمعرفة الذات والقدرة على التصرف توافقياً على أساس تلك المعرفة، ويُمكن الشخص من فهم قدراته وتقدير أفكاره ومشاعره، وبالتالي من تنظيم حياته بشكل ناجح. أما
الذكاء الاجتماعي، فهو القدرة على إدراك أمزجة الآخرين ومقاصدهم ودوافعهم ومشاعرهم والتمييز بينها، ويختص بالعلاقة مع الآخرين، ومن يمتلك هذا النوع من
الذكاء ستكون له القدرة على فهم نيات ودوافع ورغبات الآخرين، مما يمكنه من التعاون مع غيره، وفهم الناس والتفاعل معهم وحسن التصرف في المواقف والأوضاع الاجتماعية المختلفة. أما
الذكاء العاطفي فهو يشكل مؤشراً قوياً على سير العمل، لأن من يتمتعون بهذا
الذكاء يعدون أفضل العاملين، حيث إن له دور إيجابي في مكان العمل، كما أن الأشخاص الذين يتمتعون به يشكلون الفئة الأفضل بين العاملين. أما
الذكاء المهني فهو
الذكاء المتعلق بالميول واختيار المهنة المناسبة للأفراد والتوجيه الصحيح لاختيار الوظيفة والعمل المناسب. وأخيرا فإنه يوجد عديد من امتحانات قياس مستوى
الذكاء IQ لكن لا يستطيع أحد تعريف ماهية الذكاء، وإن كان هناك كثيرون ممن يتهمون امتحانات
الذكاء وأداتها بعدم القدرة على تحديد الأذكياء والأقل ذكاء، لكن النظريات تؤكد وجود أنواع متعددة من الذكاء، وأن هذه الامتحانات لن تتمكن من تحديد مستوى أو مدى ذكاء الفرد. فالفرد لا يستخدم كل أجزاء الدماغ للوصول إلى حل مشكلة ما، وإنما يستخدم الجزء المتخصص في حقل المشكلة بذاتها، كذلك
الذكاء ليس واحداً وإنما متخصص في حقل بعينه، وربما يكون أداء الشخص في الحقول الأخرى ليس على نفس المستوى، لذا يمكن أن نتساءل: هل
أصبح تحديد مستوى العبقرية لدى الأفراد مشكلة؟
..