ذكر الله تعالى بعض الأعمال التي كلف بها ملائكته، فمن ذلك قوله تعالى: «له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله»سورة الرعد: 12، فهذه ملائكة تحفظ الإنسان من الشرور بأمر الله سبحانه، حتى إذا جاء القدر خلو عنه، وقال سبحانه: وهو القاهر فوق عباده، ويرسل عليكم حفظة، حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون»سورة الأنعام: 62، فذكر في هذه الآية أن الملائكة هي التي تتولى نزع روحه .
ومن ذلك أن الملائكة هم من يحملون عرش الرحمن سبحانه، قال تعالى: «الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم»سورة غافر: 6.
ومن أعمال الملائكة الاستغفار للمؤمنين، قال تعالى: «ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم»سورة غافر: 6.
وجاء في السنة ما يدل على عناية الله بالإنسان في بدء تكوينه وتخلقه في الرحم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله عز وجل وكَّل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه، قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه (البخاري)
وجاء في السنة أيضا أن الله وكل ملائكة بتصوير الأجنة في أرحامها، ونفخ الروح فيها، فعن حذيفة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مرّ بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا فصورها، وخلق سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظامها (مسلم).
ومن أعمال الملائكة كتابة وإحصاء أعمال المكلفين من خير أو شر، قال تعالى: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»سورة ق: 18، قال تعالى: «كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون»سورة الانفطار: 11-12.
ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بتتبع حِلَقَ الذِّكْر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر. فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم(البخاري).
ودلت الآيات على أن من الملائكة من يجاهد مع المؤمنين، قال تعالى: «إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين»سورة الأنفال: 9.
ودلت الأدلة على أن الملائكة تشفع يوم القيامة في المذنبين من الموحدين، قال تعالى:»وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى»سورة النجم: 26.
ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بحفظ الأماكن المقدسة من الدجال، كما روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها...»
فهذه بعض أعمال الملائكة التي ذكرت في الكتاب والسنة دون تعيين أصحابها من الملائكة.
وفي المقابل ورد في الكتاب والسنة ذكر أعمال معينة مصرحا بأسماء أصحابها، ومن أعظم الملائكة الذين صرح الكتاب والسنة بذكرهم وذكر أعمالهم؛ جبريل عليه السلام أمين الوحي، وميكائيل أمين القطر، وكلاهما موكل بالحياة فجبريل موكل بحياة القلوب، وميكائيل موكل بحياة الأبدان، وبهما (الوحي والقطر) تقوم الحياة وتنعم البشرية، قال تعالى: «من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فان الله عدو للكفرين»سورة البقرة: 97.
وممن ورد ذكره في القرآن مصرحا باسمه مالك خازن النار، قال تعالى: «ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون»سورة الزخرف: 77.
ومن الملائكة الذين صرح القرآن بأسمائهم (هاروت وماروت) عليهما السلام، قال تعالى: «وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت»سورة البقرة: 102.
وقد ذكر في السنة بعض أسماء الملائكة وأعمالهم، فممن صرحت السنة باسمه، إسرافيل عليه السلام وهو الموكل بالنفخ في الصور.
وممن ذكر اسمه في السنة المطهرة أيضاً منكر ونكير عليهما السلام، وهما الملكان الموكلان بسؤال العبد في قبره.
وقد اشتهر على ألسنة الناس أن اسم ملك الموت عزرائيل، وهذا التسمية –كما يقول العلماء- لم ترد في حديث صحيح، وقد ذكره الله تعالى بوظيفته لا باسمه، فقال سبحانه: «قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم»سورة السجدة:11.
فهذه بعض أعمال الملائكة التي وردت في الكتاب والسنة، وهي تدل على أن الله تعالى وكّل بالعالم العلوي والسفلي ملائكة، فهي تدبر أمر العالم بإذنه ومشيئته وأمره سبحانه.