حدثني صديقي قائلا : كنتُ أبعثُ خادمةً فقيرةً تشتري لي كيلو من البرتقالِ في أيامٍ مختلفةٍ، حين تأتي إلى المنزلِ للخدمة في الأسبوع مرة,
فلاحظتُ أنها تحضرُ كميةً من البرتقالِ تزيد نصف كيلو عن المطلوب .. و الثمنُ واحدٌ .
و تكرر هذا بصورةٍ لافتةٍ، فرأيتُ أن أتتبع الأمرَ
فذهبتُ إلى بائعةِ البرتقالِ وهي امرأةٌ فقيرةٌ أيضًا، و قلتُ لها :
إن فلانة تأخذُ منك كميةً من البرتقالِ أكثر من الوزن المطلوب .
فقالت البائعةُ في هدوءٍ :
"فلانة امرأة فقيرة و تربي أطفالاً، فإذا اشترت مني شيئًا فأنا أعطيها فوق ما تطلب بكثيرٍ، نحن الفقراء يجب أن يستر بعضنا بعضًا"
لقد ظنتْ البائعةُ أن الخادمةَ تشتري البرتقالَ لأولادها، فجعلتْ تعطيها أكثر من حقها، ولم تُرِدْ أن تُشعرها بما تفعل كيلا تُحرجها .
قلتُ في نفسي حين سمعت هذه القصة :
يا لله ! بائعةٌ فقيرةٌ لا تبلغ ما يقوم بأَوَدِها إلا بالكدِّ و التعبِ، تعرف المشترية المسكينة فتتصدق عليها دون أن تحس بفضلها، و ترى ذلك واجبًا عليها يتكرر كلما حضرت للشراء
و في الأغنياءِ من تمْدُّ إليهم الأيدي المسكينة سائلةً بعضَ القوتِ الضروري فلا تجد غير الطردِ والازدراء !