كان هناك مجموعة من الرجال على سفر، فمروا على مدينة ودخلوا سوقها، وتفرقوا كل اثنين على حدة. وكان كبير المجموعة يمشي مع شاب اسمه " أحمد " فوجدا فاكهة لم يريا مثلها قط. فسألوا عنها فقال لهم البائع إنها كما ترون مليئة بالشوك من الخارج ولكن عندما تفتحها تستمتع بمذاقها اللذيذ. فقام كبير المجموعة والشاب أحمد بشراء ثمرتين منها. أستعجل كبير المجموعة في فتح تلك الثمرة بالقوة، وبعد محاولاته لم ينل منها سوى الشوك الذي أصاب يديه فتركها وهو يسب ويلعن تلك الفاكهة. بينما أخذ أحمد ينظر إليها ومن ثم قام بطريقة سهلة وسلسة وفتح تلك الفاكهة بدون أن يصاب بأي شوكة، بل إنه استمتع بطعمها اللذيذ كما أخبرهم البائع. رجعت المجموعة إلى قريتها، وكعادة أهالي القرى يلتفون حول العائدين من سفر بعيد ليستمعوا إلى مشاهداتهم والمواقف التي قابلتهم في البلاد التي زاروها. فأخذ كبير المجموعة يتحدث عن المواقف التي مروا بها في تلك البلاد ومن ضمن حديثه ذكر حادثة الفاكهة. فقال: لقد وجدنا في تلك البلاد فاكهة ملعونة مليئة بالشوك وطعمها سيء ومر، وأخذ يذمها ويصفها بأبشع الصفات. فقام أحمد وقاطع كبير المجموعة قائلا: ولكنك يا سيدي لم تذقها فكيف حكمت عليها؟! ولقد تذوقتها بنفسي وهي فعلا ألذ فاكهة ذقتها في حياتي، ولكنك يا سيدي لم تتمكن من فتحها بالشكل السليم فنلت ما نلت من شوكها. فغضب كبيرهم خصوصا عندما أدرك بأن مصداقيته بدأت تتزعزع أمام أهالي القرية، فقام وقال: بل هي أسوأ فاكهة مرت بحياتي، ولم أر أسوأ منها طعما قط، وإن لم تصدقوني فاسألوا من كانوا معنا في الرحلة، فقام بعض الرجال الذين كانوا معهم وأيدوا كبيرهم فيما قال مع أنهم لم يروا الفاكهة، ولم يشهدوا ذلك الموقف! عندها اتجهت الأنظار نحو أحمد وهو يحاول الدفاع عن موقفه قائلا: إن هؤلاء الرجال لم يكونوا معنا أثناء شرائنا الفاكهة، وكان رد أهالي القرية: أتريدنا أن نُكَذّب أحد شيوخ القرية والرجال الذين كانوا معكم، ونصدقك أنت؟! عندئذ سئم أحمد من محاولات إقناعهم وخرج بعيدا تاركا الكل ينعته بالكاذب، مع أنه كان أصدق من في الرحلة. المغزى: الناس من حولك هم الفواكه، فعندما تجيد التعامل معهم تستطيع أن تحصل على أروع معاني الصداقة والتضحية والتفاني. فكما أن لكل فاكهة أسلوبا في الأكل، فلكل إنسان من حولك أسلوب لتملك قلبه. فعندما يكون لديك شخص تكرهه أو قد تسبب لك بالأذى فاعلم أنك قد تعاملت معه بالأسلوب الخطأ، وهو الأسلوب نفسه الذي اتخذه كبير المجموعة في فتح الفاكهة الشائكة فحرم نفسه من لذة طعمها لسوء تعامله معها. وكذلك حاول أنت ألا تكون تلك الفاكهة المليئة بالشوك من خارجها حتى وإن كنت تحمل بداخلك إنسانا رائعا، واعلم أن الناس تحكم على الظاهر. فائدة أخرى: لا تتأثر بما تسمعه من ذمّ وشتم فلان قبل أن تجرب التعامل معه، فالقصة تخبرنا بأن من يكون سيئا لغيرك قد يكون رائعا لك، وإن كان غيرك لم يفلح في التعامل مع ذلك الشخص فهذا لا يعني أنك لن تفلح أيضا، "ولكن خذ الحذر ولا تبالغ". 〰 إنتهت 〰