10-30-2018, 06:47 PM
|
|
|
|
كــرم أوس بــن حــارثــة
حدث عمرو بن العلاء فقال :
جلس النعمان بن المنذر وعليه حلة مرصعة بالــّدر ، لم يـُر مثلها قبل ذلك اليوم ،
وأذن للعرب ، في الدخول عليه ، وكان فيهم أوس بن حارثة ، فجعلت العرب تنظر إلى الحـُلة ،
وكل منهم يقول لصاحبه : ما رأيت مثل هذه الحلة قط ، ولا سمعت أن أحدا ً من الملوك قدرّ علي مثلها ،
وأوس بن حارثة لا ينظر إليها ،
فقال له النعمان : ما أرى كل من دخل عليّ إلا أستحسن هذه الحـُلة ، وتحدث مع صاحبه في أمرها إلا أنت ،
ما رأيتك استحسنتها ولا نظرتها .
قال أوس : أسعد الله الملك ، إنما أستحسن الحـُلة إذا كانت في يد التاجر ،
وأما إذا كانت على الملك وأشرق فيها وجهه ُ فنظري مقصور عليه لا عليها ،
فأسترجع عقلهُ.
فلما عزموا على الانصراف قال لهم النعمان :
اجتمعوا إليّ في غد فإني مُلبسٌ هذه الحلة لسيد العرب منكم ،
فانصرف العرب عنه ُ ، وكل يزعم أنه لابس الحلة .
فلما أصبحوا تزينّوا بأفخر الملابس وتقّلدوا بأحسن السيوف ، وركبوا أجّود الخيل ،
وحضروا إلى النعمان ، وتأخر عنه أوس بن حارثة ،
فقال له أصحابه : مالك لا تغدو مع الناس إلى مجلس الملك ، فلعلك تكون صاحب الحُلة ،
فقال أوس :إن كنت سيد قومي فما أنا بسيّد العرب عند نفسي ،
وأن حضرت ولم آخذها انصرفت منقوصا ً ،
وإن كنت المطلوب لها فسيُعرف مكاني ، فأمسكوا عنه .
ونظر النعمان في وجوه القوم ، فلم ير أوس بن حارثة ، فأستدعى بعض خاصته ،
وقال : أذهب لتعرف خبر أوس ، فمضى رسول النعمان ،واستخبر بعض أصحابه ،
فأخبره بمقالته ، فعاد إلى النعمان ، فأخبره بذلك ،
فبعث النعمان إليه رسولا ً، وقال :أحضر آمنا ً مما خفت عليه ،
فحضر أوس بثيابه التي حضر بها بالأمس ،
وكانت العرب قد استبشرت بتأخره خوفاً من أن يكون هو الآخذ للحلـُة .
فلما حضر وأخذ مجلسه ، قال له النعمان : إني لم أرك غيّرت ثيابك في يومك ،
فألبس هذه الحُــلة تستجمل بها ، ثم خلعها وألبسه إياها ،
فأشتد ذلك على العرب وحسدوه ،
وقالوا : لا حيلة لنا فيها ، إلا أن نرغب إلى الشعراء أن يهجوه بقبيح الفعل ،فإنه لا يخفض رفعته إلا الشعر ،
فجمعوا فيما بينهم خمسمائة ناقة ، وأتوا بها إلى رجل يقال له جرول ،
وقالوا له : خذ هذه ، وأهج لنا أوس بن حارثة .
وكان جرول يومئذ أشعر العرب وأقواهم هجاء ،
فقال لهم : يا قوم ، كيف أهجو رجلا حسيبا ً لا يُنكر بيته ، كريما ً لا ينقطع عطاؤه ،
فيصلا ً ، لا يطعن على رأيه ، شجاعاً لا يُظلم نزيله ،
محسنا ً لا أرى في بيتي شيئاً إلا من فضله .
فسمع ذلك بشر بن أبي خازم ، وكان شاعراً فرغب في البذل ، وأخذ الإبل وهجاه ، وذكر أمّه سُعدى ،
فسمع أوس بذلك ، فوجّه في طلبه ، فهرب وترك الإبل ، فأتوا بها إلى أوس بن حارثة ،
فأخذها وشد في طلبه ، وجعل بشر بن أبي حازم يطوف في أحياء العرب يلتمس عزيزاً يجيره ُ على أوس ،
وكل من قصده ُ يقول : قد أجرتك إلا من أوس بن حارثة ،
فإني لا أقدر أن أُجير عليه ، وكان أوس قد بث عليه العيون ،
فرآه بعض من كان يرصده ُ ، فقبض عليه ، وأتى به إلى أوس ،
فلما مثُل بين يديه قال له : ويلك أتذكر أمي وليس في عصرنا مثلها ؟.
قال : قد كان ذلك أيها الأمير ؟
فقال : والله لأقتُلنّك قتلة تحيا بها سُعدى .
ثم دخل أوس إلى أمه سُعدى ،
وقال : قد أتيتك بالشاعر الذي هجاك ، وقد آليت لأقتلنه قتلةً تحيين بها ،
قالت يا بني : أو خير من ذلك ، قال وما هو ،
قالت: إنه لم يجد ناصراً منك ، ولا مجيرا عليك ، وإنها قوم لا نرى في اصطناع المعروف من بأس ،
فبحقي عليك إلا أطلقته ، ورددت عليه إبله ، وأعطيته من مالك مثل ذلك ، ومن مالي مثله وأرجعه إلى أهله سالما ً ،
فإنهم أيسوا منه ،
فخرج له أوس ٌ ،وقال : ما تقول أني فاعل بك؟ .
قال : تقتلني لا محالة .
قال : أفتستحق ذلك ؟ قال : نعم .
قال : إن سُعدى التي هجوتها قد أشارت بكذا وكذا ،
وأمر بحل كتافه ، وقال له : انصرف إلى اهلك سالما ً ، وخذ ما أمرت لك به .
فرفع بشر يده إلى السماء وقال :
اللهم أنت الشاهد عليّ ألا أقول شعرا ً
إلا أن يكون مدح في أوس بن حارثة .
تحيااااتي لكم
;JJvl H,s fJJk pJJhveJJm pJJhveJJm
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الخل الوفي على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:31 PM
|