08-09-2015, 02:16 AM
|
|
|
|
الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
"فقه الوقت" الشغل الشاغل للفضلاء، وإنما تعرف همة الرجل بقدر معرفته بمتطلبات وقته، واستثمار أيام عمره فيما يعود عليه نفعه في العاجل والآجل، خاصة وأن أيام العمر تمضي شئنا أم أبينا، والليالي تسري رضينا أم سخطنا .. قال بعض الحكماء: "من كانت الليالي والأيام مطاياه، سارت به وإن لم يسر".
وقال أحد العلماء: "إنما الدنيا إذا فكرت فيها ثلاثة أيام: يوم مضى لا ترجوه، ويوم أنت فيه ينبغي لك أن تغتنمه، ويوم لا تدري هل أنت من أهله أم لا فلعلك تموت قبله، فأما أمس فحكيم مؤدِّب، وأما اليوم فصديق مودع، وإن كان قد فجعك بنفسه فقد أبقى في يديك حكمته، فخذ الثقة بالله والتوكل عليه ثم بالعمل واترك الغرور بالأمل قبل حلول الأجل".
وما هذه الأيامُ إلاَّ مراحِلُ *** يحثُّ بها داعٍ إلى الموتِ قاصدُ
وأعجَبُ شيءٍ لو تأمَّلت أنَّها *** مَنازِلُ تُطوى والمُسافِرُ قَاعِدُ
قال تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1-2] قال ابن عباس: "العصر هو الزمن". وقال الرازي: "أقسم الله بالعصر لما فيه من الأعاجيب، ولأن العمر لا يقوم نفاسة وغلاء".
قال الإمام ابن القيّم:
مثل أهل الدنيا في غَفْلتهم، مثل قومٍ رَكِبوا سفينة، فانتهتْ بهم إلى جزيرة، فأمَرَهم الملاَّح بالخروج لقضاء الحاجة، وحذَّرهم الإبطاءَ، وخوَّفهم مرورَ السفينة، فتفرَّقوا في نواحي الجزيرة، فقَضَى بعضُهم حاجته، وبَادَرَ إلى السفينة، فصَادَف المكان خاليًا، فأخَذَ أوْسَعَ الأماكن وألْيَنَها وأوْفَقَها لِمُراده، ووقَف بعضُهم في الجزيرة ينظر إلى أزهارها وأنوارها العجيبة، ويسمع نَغَمات طيورها، ويُعجبه حُسْنُ أحجارها، ثم حدَّثَتْه نفسُه بفَوْت السفينة، وسرعة مُرورها، وخَطَرِ ذَهابها، فلم يصادِفْ إلاَّ مكانًا ضَيِّقًا، فجلس فيه، وأكبَّ بعضُهم على تلك الحجارة المستحسنة، والأزهار الفائقة، فحمل منها حملَه، فلمَّا جاء لَم يجدْ في السفينة إلاَّ مكانًا ضعيفًا، وزاده حمله ضِيقًا، فصارَ محمولُه ثقلاً عليه ووبالاً، ولَم يَقْدِرْ على نبذه، بل لَم يجدْ من حملِه بُدًّا، ولَم يجدْ له في السفينة موضعًا، فحَمَله على عاتقه، ونَدِم على أخْذه، فلم تنفعْه النَّدَامة، ثم ذَبُلَتِ الأزهار وتغيَّرت رائحتُها، وآذاه نتنُها، وتولج بعضُهم في تلك الغياض، ونَسِي السفينة، وأبعد في نزهته؛ حتى إنَّ الملاَّح نادَى الناسَ عند دَفْع السفينة، فلم يَبلغْه صوتُه؛ لاشتغاله بملاهيه، فهو تارة يتناول من الثمر، وتارة يشمُّ تلك الأنوار، وتارة يعجب من حُسن الأشجار، وهو على ذلك خائفٌ من سَبُع يخرج عليه، غير منفكٍّ من شوك يتشبَّثُ في ثيابه، ويدخل في قَدَميه، أو غُصن يجرحُ بَدَنه، أو عوسج يَخرِق ثيابه ويَهتك عورته، أو صوت هائل يُفزعه، ثم من هؤلاء مَن لَحِق السفينة ولَم يَبقَ فيها موضع، فماتَ على الساحل، ومنهم مَن شَغَله لَهْوه، فافترسته السباع، ونَهشتْه الحَيَّات، ومنهم مَن تاه، فهامَ على وجْهه حتى هَلك.
فهذا مثال أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة، ونسيانهم مَوردَهم وعاقبةَ أمرهم، وما أقبح بالعاقل أن تَغرَّه أحجار ونبات يصير هشيمًا، قد شَغَل بالَه وعوَّقه عن نجاته ولَم يَصحبْه!".
لقي أحد السلف أخا له فقال له: أترضى حالتك التي أنت عليها للموت؟ قال: لا. قال: فهل عرضت عليها توبة من غير تسويف؟ قال: لا. قال: فهل تعلم دارا تعمل فيها غير هذه؟ قال: لا. قال: فهل للإنسان نفسان إذا ماتت إحداهما عمل بالأخرى؟ قال: لا. قال: فهل تأمن هجوم الموت على حالتك هذه؟ قال: لا. قال: فما أقام على ما أنت عليه عاقل.
قال التاج السبكي عن سليم الرازي أحد أئمة الشافعية: "كان رحمه الله من الورع على جانب قوي، يحاسب نفسه على الأوقات، ولا يدع وقتا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ"
قال ابن عساكر: "ولقد حدثني عنه شخنا أبو الفرج الإسفراييني أنه نزل يوما إلى داره ورجع، فقال: قد قرأت جزءا في طريقي".
قال أبو الفرج: وحدثني المؤمل بن الحسن أنه رأى سليما خفي عليه القلم، فإلى أن التقطه جعل يحرك شفتيه، فعلم أنه يقرأ بإزاء إصلاحه القلم، لئلا يمضي عليه زمان وهو فارغ".
قال قتادة: اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر، قال تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [فاطر:37]
وقال يحيى بن معاذ الرازي: "الفوت أشد من الموت، لأن الفوت انقطاع عن الحق، والموت انقطاع عن الخلق".
وقال ابن القيم: " وإذا أراد الله بالعبد خيرا أعانه بالوقت، وجعل وقته مساعدا له، وإذا أراد به شرا جعل وقته عليه، وناكده وقته، فكلما أراد التأهب للمسير لم يساعده الوقت، والأول كلما همت نفسه بالقعود أقامه الوقت وساعده".
ومن جهل قيمة وقته فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان، وفي هذا يذكر القرآن موقفين للإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم.
- الموقف الأول: «ساعة الاحتضار»، حين يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو منح مهلة من الزمن، وأخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100]
- الموقف الثاني: «يوم القيامة»، حين توفى كل نفس ما عملت، وتجزى بما كسبت، ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى الحياة ليبدؤوا من جديد أعمالا صالحة .. هيهات هيهات لما يطلبون، فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء، قال تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:27]
عن مجاهد قال: "ما من يوم إلا يقول: ابن آدم، قد دخلت عليك اليوم ولن أرجع إليك بعد اليوم، فانظر ماذا تعمل في. فإذا انقضى طواه، ثم يختم عليه فلا يفك حتى يكون الله هو الذي يفض ذلك الخاتم يوم القيامة".
فالحذر الحذر من ضياع الأوقات ولصوص الأعمار، والانتباه قبل أن يأتي يوم قال الله تعالى فيه: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [النحل: 111] .. أي تعتذر وتخاصم عن نفسها، لا تتفرغ لغيرها، ولو كان أقرب قريب، وهذا من شدة الهول. قال ابن عباس في هذه الآية: لا تزال الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح الجسد، وليس أحد بِمَلُومٍ في هذه المواقف على قول نفسي نفسي، فالأمر شديد، والموقف رهيب |
hgHdhl ,hggdhgd >> l'dm gh jj,rt uk hglsdv hgHdhl hglwdv jj,rt
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 05:02 AM
|
#2
|
[IMG]http://img01.***********/uploads/image/2014/06/17/0c3f464b6cf105.gif[/IMG]
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جزااكـ الله خير
وجعله الله في ميزان حسناتكــ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 05:54 AM
|
#3
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 10:44 AM
|
#4
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جزاك الله خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك
واثابك الله جنانه
لروحك الورد
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة MS HMS ; 08-09-2015 الساعة 11:21 AM
|
08-09-2015, 10:50 AM
|
#5
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 12:45 PM
|
#6
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جِزًآكًٍ آللهُ خيرًٍ آلجزًٍآءُ
وُجَعَلَ حياتگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا لله في مُوآزيَنَ حسناتك
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
ودمتِ بــطآعَة الله
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 06:23 PM
|
#7
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَسنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِـي الْدُنَيــا وَالْآخــــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَـــــــطـاء وَدُي قبَلْ رَديُ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 06:33 PM
|
#8
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 08:23 PM
|
#9
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-09-2015, 10:51 PM
|
#10
|
رد: الأيام والليالي .. مطية لا تتوقف عن المسير
سلمت يدآك
طرح رائع بروعتگ
تحياااتي لگ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 01:34 PM
| | | | | | | | | |