تسعى سنغافورة إلى التخلص التدريجي من السيارات التي تسير بالبنزين والديزل، بحلول عام 2040، والاعتماد على السيارات الكهربائية، ما يجعل الغموض يحيط بمستقبل نحو 200 محطة وقود، رغم أن أكثرها قد تم تجديده مؤخراً،
ولفت التقرير إلى أن محطات الوقود الحالية تحرص على تقديم العديد من الخدمات، مثل الوجبات السريعة على مدار كل ساعات اليوم، وأماكن لسائقي الدراجات، بالإضافة إلى المشروبات الساخنة والمنتجات الطازجة ومستلزمات البقالة الأُخرى، في تحوّل لتقديم خدمات عديدة أُخرى، بخلاف تقديم الوقود لأصحاب السيارات، لجذب المزيد من العملاء.
ووفقاً للتقديرات، فهناك حوالي 180 محطة وقود في سنغافورة، حالياً، تقوم بتشغيلها شركات شل وإكسون موبيل وشيفرون وشركة إس بي سي.
يواجه هذا الواقع تحدياً كبيراً في المستقبل القريب، حيث تتعرض صناعة النفط والغاز لضغوط متزايدة، وسط مخاوف متزايدة بشأن الاستدامة، وشهدت سنغافورة زيادة في الإقبال على السيارات الكهربائية، وفي الأشهر الخمسة الأُولى من العام الجاري، شكّلت مبيعات السيارات الكهربائية 8.4% من جميع السيارات الجديدة، وهذا تقدُّم كبير، وتشكّل حوالي 20 ضعفاً عمّا كان عليه الوضع في عام 2020.
ومع سعي سنغافورة إلى تشغيل كل السيارات بالطاقة النظيفة بحلول عام 2040، فمن المتوقع تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية، حيث تواجه الدولة المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية، وتطرح حوافز ضريبية للسيارات الهجينة والمركبات الكهربائية، ما يعني تراجع الطلب على البنزين والديزل.
وفي ظل هذا التحول، يدرس أصحاب محطات الوقود مصيرهم في المستقبل، للاستمرار في تقديم الخدمات للعملاء، ومع ابتعاد العالم عن الوقود الأحفوري، فإن السؤال المطروح هو؛ هل هناك حاجة في المستقبل إلى محطات الوقود؟
بدأت بعض محطات الوقود مبكراً في مواكبة التغيير بتركيب نقاط شحن للمركبات الكهربائية، إلّا أن هذا الأمر لا يكفي لجذب أصحاب السيارات الكهربائية، فسنغافورة تخطط لإقامة شبكة موسعة من نقاط الشحن الكهربائي، على مستوى الدولة، تتضمن المناطق السكنية، ما يعني أن أصحاب السيارات الكهربائية، سيتمكنون من شحن سياراتهم في أي مكان، والابتعاد عن محطات الوقود كمصدر وحيد لشحن سياراتهم الكهربائية.
وأظهرت دراسة نشرتها (Boston Consulting Group) في عام 2019، أن ربع محطات الوقود على الأقل في جميع أنحاء العالم، قد تكون معرضة لخطر الإغلاق بحلول عام 2035، إذا لم يغيروا نموذج أعمالهم، بينما نجد السيناريو الأكثر تشاؤماً يشير إلى أن 80% من المحطات يمكن أن تغلق.
الشحن السريع:
ونقل التقرير عن توني كانافان، الخبير العالمي في مجال النقل والقطاع العام والحكومي في مجموعة (EY)، قوله «ينبغي على أصحاب محطات الوقود التفكير في الاستثمار في البنية التحتية، وتحديداً في الشحن الكهربائي السريع لتمييز أنفسهم عن الشحن المنزلي، وجذب المزيد من العملاء».
وأضاف: «برغم ذلك، فإن أصحاب السيارات الذين يشعرون بالتعجل، وليس لديهم الوقت الكافي، قد لا يكون مناسباً لهم إلّا الشحن السريع، ولذا ستكون محطات التزود بالوقود هي وجهتهم لشحن سياراتهم سريعاً وكسب الوقت، لأن أجهزة الشحن المنزلية أبطأ».
التقرير لفت إلى أن أجهزة الشحن السريعة تستغرق وقتاً أطول بكثير من الدقائق القليلة اللازمة لتزويد السيارة بالوقود، وحالياً يمكن أن يستغرق الشحن الكهربائي السريع للسيارة فترة تتراوح ما بين 30- 60 دقيقة، وفقاً لعوامل عديدة تشمل طراز السيارة، وسعة البطارية، وهذا يعني أن محطات التزود بالوقود ستحتاج إلى تقديم خدمات ومرافق أُخرى للعملاء لجذب أعمالهم.
ومن جانبها، قالت الأستاذة المشاركة في أنظمة الهندسة في جامعة سنغافورة للتكنولوجيا، لينيت تشيه: «بجانب تقديم أجهزة شحن كهربائية سريعة، سيحتاج أصحاب محطات الوقود إلى إتباع طرق جديدة لمنع تدهور أعمالهم».
وأضافت «ستكون هناك فرصة لهذه المحطات، لتقديم المزيد من الخدمات لعملائها، أثناء انتظارهم شحن سياراتهم، مثل توفير مكان لتناول المشروبات الساخنة، أو استلام مشترياتهم من البقالة، ونجحت بعض محطات الوقود في أن تكون متاجر صغيرة ناجحة».
وأشار التقرير إلى أن شركات الوقود والغاز في سنغافورة، مثل (ExxonMobil)، والتي تمتلك علامة (Esso) التجارية، و(Chevron)، تراقب سلوك الشراء الحالي للعملاء، من أجل توفير خيارات جديدة في محطات الوقود، مثل منافذ المشروبات الساخنة، والمخابز وغسيل وصيانة السيارات.
أوضح التقرير أن حصة أرباح محطات الوقود في الأنشطة المصاحبة كالمشروبات وغيرها، في آسيا، منخفضة جداً مقارنة بالدول الغربية، حسبما أكّد رئيس قسم النفط والغاز في (EY) لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، سانجيف جوبتا، الذي قال: «في الاقتصادات الأوروبية وأمريكا الشمالية، تتراوح حصة الأرباح التشغيلية للأعمال المصاحبة لمحطات الوقود، بين 40 - 50%، بينما تتراجع في الاقتصادات الآسيوية، لتقل عن 10%».
مكاسب الشحن الكهربائي:
ولفت التقرير إلى أن قيمة شحن السيارات الكهربائية لا تزال ضئيلة اليوم، لكن من المتوقع أن تتضاعف خلال السنوات المقبلة، ومن المُقدَّر أن تصل إلى 14.55 مليار جنيه استرليني، بحلول عام 2030، وفقاً لشركة (McKinsey & Company).