08-05-2021, 01:33 AM
|
|
|
|
({قل الروح من أمر ربي}
{قل الروح من أمر ربي}
د. محمد خالد الفجر
﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85]
يقول الله عز وجل: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].
الروح، ذلك العالم اللطيف، الذي حارَتِ العقول في استكناهه، فرسموا عنها صورًا، وعاشوا معها في أخيلة جعلتهم خارجين عن الواقع، إنها السر المحرق لكل مَن يحاول تفسيره مِن نبع خياله، أو من شطحات فكره، إنها العالم الذي سحر الفلاسفة فأنهكهم، واعذروني إن قلت: من عالم العقلاء أخرجهم.
الروح عاش معها أفلاطون، فظنها خيالًا أو عالمًا مستحقرًا لعالمنا الدنيوي، فتراه يقول: "عندما أعيش مع جوهري أستحقر البشرية، وما يحيط بها، وأخلد إلى حقيقتي التي لا تفنى"[1].
وهكذا سار على نهجه أولئك الذي كسروا حاجزَ جهلهم، بسراب أخيلتهم.
ردَّد صدى فكر أفلاطون ابنُ سينا، فرسم لنا لوحة صراع بين ذلك الكائن اللطيف، وهو الروح، وبين ذلك القفص الذي أسرها؛ ولكن طول العشرة أدَّى إلى أن صار موطنَها وعالمها الساحر.
صوَّرها بكلمات، لا تدري لم تُشد نحوها؟ أحقًّا هكذا قامت العلاقة بين الجسد والروح؟ علاقة صراع، ثم أخوة، ثم صراخ على الفراق؟
لا أدري، لِم أتلذذ بهذه القصيدة؟ لكني أسمع هتافَ عقيدةٍ يعارض، وحركةَ فكرٍ تناقش، سأترك صوت القصيدة يتحدث:
هَبَطَتْ إِلَيْكَ مِنَ المَحِلِّ الأَرْفَعِ
وَرْقَاءُ ذَاتُ تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّعِ
مَحْجُوبَةً عَنْ كُلِّ مُثْلَةِ نَاظِرٍ
وَهْيَ الَّتِي سَفَرَتْ وَلَمْ تَتَبَرْقَعِ
نَزَلَتْ عَلَى كُرْهٍ إِلَيْكَ وَرُبَّمَا
كَرِهَتْ فِرَاقَكَ وَهْيَ ذَاتُ تَوَجُّعِ
أقول بعدما سطرت بعضًا من كلمات قصيدة ابن سينا: هل التصديق بفكرة ابن سينا يحل لغز العلاقة بين الروح والجسد؟ أو أن العيش في فضاء ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85] أكثر أمانًا وراحة للروح، التي يحاول الإنسان فك شفرتها؟!
هبْ أننا سلَّمنا بفكرة ابن سينا، فهل ستهدأ أرواحنا وتقرُّ، أو أن دوَّامة الجهل ستزداد، وألم حب المعرفة سيكد الذهنَ، ويُمرض العقل؟
إنني أؤمن إيمانًا يقينيًّا أن ترسبات من أفكار قديمة، أدَّت إلى ابتكار ابن سينا لهذه القصيدة، خاصةً إذا عرفنا أنه كان يؤمن بأفكار أقل ما يقال عنها: إنها بعيدة عن المحجَّة البيضاء، وإذا فكرنا قليلًا في سبب تفسيره للروح هذا التفسير، لَحُقَّ لنا أن نضع عدة أسباب، أرى أهمها هو بحثه عن كيفية حل لغز بقاء الجسد جثة هامدة، وهذا بظنِّه يعطيه أملًا في الراحة، وأملًا في الصبر على فراق الروح للجسد.
إذًا؛ كلُّ مَن حاول الوقوف على الروح، همُّه أن يصل إلى حالة أولئك الذين قالوا: إنهم يعيشون سعادة، لو عرفها الملوك، لقاتلوهم عليها بالسيوف.
إن كل بحث وراء الروح إنما يرجع إلى أمرين: أولهما: حب الخلود، وثانيهما: تحقيق السعادة الأبدية، فالخلود والبقاء هو المحرِّك والدافع وراء الجد والبحث، إنه الدافع وراء تأسيس معاهد تحضير الأرواح، التي أُسس أهم مركز منها سنة 1848، والغريب أن عالمًا من علماء التقنيات يدخل هذا المركز ويمنحه الثقة، ويكون السبب في زج أعداد غفيرة في هذا المركز؛ ولكننا إذا عرفنا سبب دخوله لهذا المركز، تأكَّد لنا أن حب الخلود هو الدافع لمثل هؤلاء.
وهذا ما يبرر لنا إنفاق ملايين الدولارات، أنفقت في أيامنا على مركز أو معمل، أو ثلاجة ضخمة صمِّمت من أجل أن تحافظ على جسد الإنسان فلا تأكله الأرض، والعلة وراء هذا هي: أنهم يأملون في اليوم الذي يرجعون فيه الروح إلى تلك الأجساد؛ كي يعاودوا اللقاء مع هذه الحياة!
فكيف تعامل الإسلام مع الروح؟ وكيف وثق عرى الإيمان بتلك الكلمة الخالدة: ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85]؟
(Vrg hgv,p lk Hlv vfdC hgv,p
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ المحبوب على المشاركة المفيدة:
|
|
08-05-2021, 01:35 AM
|
#2
|
رد: ({قل الروح من أمر ربي}
جزاااك الله خير الله يعطيك العافية
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ام ساره على المشاركة المفيدة:
|
|
| |