أهـــرب
إذا كان في
هروبك حياة جديدة لكبريائك،
وكرامتك التي أُهدرت تحت مُسمَّيات الحب والحنين والغيرة
ومصطلاحات أُخرى مزخرفة لا انتهاء لها·
أهـــرب
إذا شعرت بأنّ الحزن بدا ينسج خيوطه حول قلبك النقي
ويخنق بقايا الفرح فيك، وبأنهم أصبحوا مصدراً عظيماً لهذا الحزن
أهـــرب
إذا شعرت بأن إحساسك تجاههم غباء
وخيالك بهم غباء، ولهفتك عليهم غباء لا يفوقه غباء
وبأنك بدأت تتحوّل مع الوقت إلى مُهرِّج مُضحك
أهـــرب
إذا شعرت بأن المنطق يرفض إحساسك وبأن قيمك ترفض إحساسك
وبأن نقاءك يرفض إحساسك وبأن إحساسك يرفض نفسه·
أهـــرب
إذا باءت محاولاتك للوصول إلى قلوبهم بالفشل وباءت محاولاتك لتجاهلهم بالفشل
وباءت محاولاتك لنسيانهم بالفشل·
أهـــرب
إذا ضاق عليك الحلم، وضاق عليك الأمل،وضاق عليك النبض، وضاق عليك المكان
وضاعت ملامح الزمان في عينيك·
أهـــرب
إذا أكسبوك عادات الحزن، وفتحوا قابليتك للألم
ودربوك على الغبن والانكسار، وعلّموك البكاء بلا انتهاء
أهـــرب
إذا شعرت بأنك فجرت ينابيع الغرور في داخلهم، وبأنك ضخّمتهم حد الانفجار
وتقزّمت أمامهم حدّ التلاشي، فأصبحوا أضخم من أن يروك أمامهم
وأصبحت أصغر من أن تراهم·
أهـــرب
إذا لاحظت أنك بدأت تتلوث كي تصل إليهم، وبدأت لا تُشبه نفسك كي ترضيهم
وبدأت ترقص فوق النار كي تبهرهم، وبدأت تخون كي تلفت انتباههم·
أهـــرب
إذا أصبح ليلك في بُعدهم ناراً عظيمة، وأصبح يومك معهم ناراً أعظم
وأصبحت تضاريس وقتك وسويعاته معاناة لا تنتهي·
أهـــرب
إذا اكتشفت أن شيئاً ما في داخلك بدأ يموت،
وأن شيئاً ما فيك بدأ يذبل كالورد المقطوف، وأنك بدأت تنتهي كالسراب في آخر الطريق
أهـــرب
إذا لاحظتهم يتلذذون بإذلالك، ويتعمدون نكرانك
ويقفزون فوق رفات حلمك الجميل بهم، وكأنهم أصدروا حكماً خفياً بإعدامك
أهـــرب
إذا لمحت آثار البكاء عليهم فوق وسادتك، أو شعرت بسمّهم يسري في عروق قلبك
أو اكتشفت خنجرهم الغادر في ظهرك المطمئن لهم·
أهـــرب
إذا سمعتهم يتهامسون بما ليس فيك، ويلصقون بك من التهم ما لا تعلم
ويقذفونك بالباطل، ويرمون براءتك بذنب الذئب·
أهـــرب
إذا أصبح إحساسك فانوساً مشتعلاً في عينيك،
وأصبح صوتك المرتعش لا يعبر عنك،وأصبح صمتك المصطنع لا يسترك
أهـــرب
إذا طال انتظارك فوق محطات صراعهم، ولمحت قطارات أيامك تفر أمامك كالجواد الغاضب
وشعرت بأن لا شيء بقي معك سوى ظلّك المنطفئ·
أهـــرب
إذا شعرت بأنهم أصبحوا يُسيئون فهمك، ويمزقون تاريخك، ويشوهون عراقة إحساسك
ويُطفئون مصابيح طريقك إليهم·
أهـــرب
إذا شعرت بأن نفسك لا تستحق منك كل هذا الشقاء
وبأنهم لا يستحقون منك كل هذا الإحساس