كان البعضُ من بائعي
اللبن يخلط
اللبن بالماء، واشتكى المسلمون من هذا الامر، فأمر الخليفة عمر بن الخطاب بإرسال أحد رجاله ينادى فى بائعي
اللبن بعدم الغش وعدم خلطه بالماء، ودخل المنادى إلى السوق وقال: يا بائعي
اللبن لاتخلطوا
اللبن بالماء ومن يفعل ذلك؛ فسوف يتم معاقبته من قبل أمير المؤمنين عقابًا شديدًا.
وفي ليلة من الليالي, خرج عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- مع خادمه أسلم ليتفقد أحوال المسلمين ليلا، وقرر ان يستريح من التجوال بجانب جدار، فإذا به يسمع امرأة تقول لابنتها:
اخلطي هذا
اللبن بالماء
فقالت ابنتها: يا امي، اما علمتي بأمر امير المؤمنين اليوم؟
قالت الأم: وما كان أمره ؟
قالت الابنه: إنه ارسل مناديا يقول: لا يخلط
اللبن بالماء.
فقالت الأم: يا ابنتي، قومى بخلط
اللبن بالماء في موضع لا يراك فيه عمر، ولا منادى عمر.
فقالت الابنة: واللَّه ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، إن كان عمر لا يرانا، فربنا يرانا.
وعندما سمع عمر بن الخطاب ذلك، أعجب بالفتاة لتقواها. وقال:
يا أسلم، علِّم الباب، واعرف الموضع. ثم ذهب فلما أصبح قال: يا أسلم، اذهب إلى الموضع فانظر من القائلة ؟ ومن المقول لها ؟ وهل لهما من بعل (اي هل هي متزوجة)
فذهب أسلم إلى المكان، فوجد امرأة عجوزًا، وابنتها أم عمارة، وعلم أنْ ليس لهما رجل، ثم رجع الي عمر واخبره. فدعا عمر أولاده، فقال: من منكم يحتاج إمرأه ليتزوجها، ولو كان بأبيكم حَركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية.
فقال عبد اللَّه بن عمر: لى زوجة.
وقال أخوه عبد الرحمن: لى زوجة.
وقال ثالثهما عاصم: يا أبتاه لا زوجة لى فزوِّجني.
فأرسل عمر إلى الجارية فزوّجها من عاصم، فولدت هذه البنت ابنة اصبحت أمَّا لعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس -رضى اللَّه عنه .
وهي أم عمارة بنت سفيان بن عبد اللَّه بن ربيعة الثقفي
التي سيذكرها التاريخ دوما، لخوفها من اللَّه تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور...