فمن الفوائد اللطيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن احتقار أي شيء من المعروف بدليل قوله :
{ لاتحقرن من المعروف شيئاً }
فكلمة { شيئاً } هنا هي نكرة في سياق النهي فتفيد العموم ومعنى ذلك أن لايحقر الإنسان من المعروف شيئاً حتى لو كان ذلك الشيء هو الابتسامة
.
ومن الفوائد أيضاً أن الابتسامة هي أقل أنواع المعروف وذلك لأنها لاتتطلب مزيد عمل أو جهد وإنما يكفي فقط المبتسم أن يتبسم دون أن يتكلم أو يعمل شيئاً ومن الفوائد كذلك أن الابتسامة من المعروف لأن طلاقة الوجه هي التبسم والبشاشة فتكون من المعروف وهذا يدل على أن المبتسم يؤجر على ابتسامته وطلاقة وجهه لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه هنا معروفاً والمعروف هو إسداء الخير للغير فيكون مأجوراً عليه صاحبه ويدل على ذلك أيضاً أن العلماء عرفوا حسن الخلق بتعريف شامل لهذا المعروف فقالوا إن حسن الخلق هو بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه ولا شك أن للابتسامة العديد من الفوائد والثمار التي يحصل عليها المتبسم كما يحصل عليها الآخرين ومن ثم تعود تلك الفوائد والثمار على المجتمع بأسره .
فمن الفوائد والثمار التي تعود على صاحب
الابتسامة رجلاً كان أو امرأة:
أن المبتسم يكون قد أطاع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التوجيه النبوي وهو طلاقة الوجه والتبسم ولو لم يحصل المبتسم إلا على هذه الفائدة لكفته
1- محبة الآخرين فإن الشخص المبتسم يكون محبوباً من الآخرين ولا شك أن كل عاقل وعاقلة يسعى إلى الحصول على محبة الآخرين ويجتهد في الأخذ بأسبابها ومن أسبابها الابتسامة والبشاشة .
2- أن المبتسم يحظى بما يريده من الآخرين من مطلوبات مباحة أو عفو عن زلل أو مسامحة على خطأ فإن الرضا عن هذا المبتسم البشوش يحقق له مايريد الوصول إليه من أهداف نبيلة ومساع طيبة لاسيما إذا كان من الدعاة إلى الله تعالى وقد أحسن من قال :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
أما الفوائد التي تعود على الآخرين فهي كثيرة جداً ومن أهمها :
1- الارتياح لهذا الشخص وغالباً مايؤدي هذا الارتياح إلى السؤال عن ذلك الشخص ثم بعد معرفته تبنى جسور الثقة التي كان أساسها تلك الابتسامة وهذا أمر مهم .
2- التعاون مع هذا المبتسم سواء كان في عمله أو فيما يحتاجه من مساعده أو قبول ماعنده من الحق وقد بين الله تعالى أهمية ذلك في كتابه الكريم بقوله : { ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
فالفضاضة من الشخص وكونه دائماً مكفهراً الوجه حاد الطبع تجعل الناس يبتعدون عنه أما الابتسامة والبشاشة وطلاقة الوجه وحسن التعامل فإنها تجعل الناس يقتربون من هذا الشخص ويستمعون إليه وهذا هو المهم فإن الناس يستفيدون من هذا المبتسم ويستمعون إليه بسبب كونه بشوشاً مبتسماً محباً لهم وليس العكس .
وأما الفوائد التي تعود على المجتمع فهي كثيرة أيضاً لكن من أبرزها :
1- التعاون والتكاتف والإنجاز فإن المجتمع الذي يتعامل أفراده فيما بينهم بالابتسامة والود والوفاء يكون مجتمعاً متعاوناً ومنتجاً ومتكاتفاً فإن للابتسامة أثراً نفسياً عجيباً في الإخلاص والتحمل والوفاء وهذا بدوره يؤدي إلى التعاون والإنجاز الذي يسعى إليه كل مجتمع من المجتمعات .
2- أن الابتسامة تشيع روح المحبة في المجتمع. والحب في المجتمعات يؤدي إلى الكثير من الأمور التي يحتاجها الأفراد والتي من خلالها يتلاحم أفراد هذا المجتمع ولهذا نجد أن الشريعة الإسلامية قد جاء فيها في نصوص كثيرة تشجع على الحب أو المحبة في الله لكل مسلم ومسلمة في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : { أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله } وقوله : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه } .وغير ذلك من النصوص .
يبقى للابتسامة شكلها الخاص الذي يميز أصحابها ويقربهم من القلوب ويحببهم إلى الآخرين , فالابتسامة تكسر كل الحواجز , وتنهي كل الضغائن , وتريح النفوس , وتجمع القلوب , وتدعو إلى المسامحة والتآلف والمحبة , وتشجع على التعاون والتكاتف والتآخي , ولهذا نجد أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قد شجعنا جميعا رجالاً ونساءً شباباً وشيباً على الابتسامة التي هي من أسهل الأشياء ولا تتطلب من صاحبها كلاماً ولا عملاً سوى انفراج الشفتين مع طلاقة في الوجه .
فلنبتسم لنحصل على هذه الثمار ونفوز بتلك الأجور والله من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
.