فمن أكل أو شرب في نهار رمضان مختارًا عامدًا ذاكرًا لصومه من غير عذر فقد فعل إثمًا مبينًا، وارتكب جرمًا عظيمًا، وفسد صومه.
2 ـ الجِماع لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم) (2) والرفث: الجِماع.
وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن أعرابيًّا جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: هلَكتُ قال: "وما أهلكَك"؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟" قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟" قال: لا. قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟" قال: لا. ثم جلس فأُتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرق فيه تمر فقال: "تصدَّق بهذا.." الحديث (3). وهو أكبر مفسدات الصيام وأشدها عقوبة.
3 ـ وصول شيء إلى الجوف عن طريق الفم والأنف.
4 ـ تعمد التقيؤ؛ فمن استقاء أي استفرغ ما في معدته من الطعام عمدًا فقد أفطر.
5 ـ إخراج المني بفعله.
6 ـ الحجامة: وهي إخراج الدم من الجسد بآلة خاصة، ويفطر بها الحاجم والمحجوم؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم" (4).
حكم من فعل شيئًا من هذه المفسدات
1 ـ من فعل شيئًا من المفطرات السابقة ناسيًا أو جاهلاً أو بغير قصد فصيامه صحيح؛ لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخطَأنَا) (1)، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"(2)، فمن أكل أو شرب ناسيًا فصومه صحيح.
2 ـ من فعل شيئًا من هذه المفطرات مختارًا عالمًا ذاكرًا من غير رخصة شرعية فقد فسد صومه، وأثِم بفعله، وعليه التوبة إلى الله وقضاء الصوم. وإن كان بجماع فعليه مع ذلك الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
استخدام الإبر للصائم
الإبر نوعان هما:
1 ـ الإبر التي تغذي الجسم، وهذه تفطر؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.
2 ـ الإبر غير المغذية، مثل: إبر البنسلين ونحوها، وهذه لا يفطر بها الصائم؛ لأنها ليست أكلاً ولا شربًا ولا بمعناهما.
استخدام البخار
يستخدم البخار لمن عندهم ضيق في التنفس من أجل توسيع الشعب الهوائية في الرئتين أو ترطيبها، ولا يفطر به الصائم إذا فعله أثناء النهار، لكن الأولى اجتنابه إن أمكن تأجيله إلى الليل.
سحْب الدم
لسحب الدم حالتان:
1 ـ إذا كان الدم المسحوب من الصائم كثيرًا؛ مثل الدم الذي يحصل به التبرع فإنه يفطر؛ لأنه يؤثر على البدن مثل الحجامة، والحجامة من المفطرات.
ولا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم في نهار رمضان إلا لضرورة.
2 ـ إذا كان الدم المأخوذ من الصائم قليلاً، مثل سحب الدم للتحليل بإبرة واحدة ونحوها، فلا يضرّ ولا يفطر به الصائم.
حقن الدم
إذا حُقن الدم في الصائم، مثل أن يحصل معه نزيف فيحقَن به دم؛ فإنه يفطر بذلك؛ لأن الدم هو خلاصة الغذاء.
من أفطر شاكًّا في غروب الشمس
لا يجوز للصائم أن يفطر إلا إذا تأكد من غروب الشمس؛ لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ) (1)، فلو أفطر وهو شاكٌّ في غروب الشمس ثم تبين له أنها لم تغرب حين فطره فإنه يقضي ذلك اليوم؛ لأن الأصل بقاء النهار.
وإن أكل أو شرب وهو شاكّ هل طلع الفجر أو لا، فصيامه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل.
قضـاء صـوم رمضـان
حكمه
يجب على مَن أفطر في نهار رمضان بعذر أو بغير عذر، أن يقضي الأيام التي أفطر فيها، إلا إن كان عاجزًا عن الصيام.
ويستحب أن يبادر إلى قضاء الصوم، وأن تكون الأيام متتابعة إذا كان عليه أكثر من يوم، ويجوز تفريقها.
تأخير القضاء
للمفطر أن يؤخر القضاء إلى ما قبل رمضان الآخر؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان يكون عليَّ صيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان" (1).
فإن أخّره إلى رمضان آخر لعذر، فلا إثم عليه ويجب عليه القضاء فقط، وإن أخّره حتى أدركه رمضان الآخر لغير عذر، فإنه يحرم عليه ذلك، وعليه التوبة وأن يقضي ويطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد.
حكم من ترك القضاء حتى مات
من ترك القضاء حتى مات فإن كان لعذر فلا شيء عليه؛ لأنه لم يفرِّط، وإن كان لغير عذر؛ فإنه يُطْعَم عنه لكل يوم مسكينًا واحدًا.
حكم صوم التطوع لمن عليه قضاء
من كان عليه قضاء من رمضان فإنه يبدأ بالقضاء قبل التطوع؛ لأن الفرض مقدم. لكن لو صام تطوعًا قبل أن يقضي جاز له ذلك، خاصة إذا كان الصوم مما له فضيلة تفوت، كيوم العاشر من محرم، ويوم عرفة وغيرهما؛ لأن وقت القضاء موسع.