08-04-2015, 03:13 AM
|
|
|
|
السب واللعان خلق سيء
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عباد الله: من مقاصد هذه الشريعة تهذيب الأخلاق والسلوك، وتنقية المشاعر، ونشر المحبة والمودة بين أفراد الأمة المسلمة، ولكن هناك آفةٌ تعرِض لهذا المبدأ العظيم، آفةٌ تمر بالمجتمع رغم اختلاف مراحله العمري، أو مداركه الثقافي، آفةٌ نشأ عليها الصغير، ودرج عليها الكبير، وأهملها كثيرٌ من الآباء والأبناء، والرجال والنساء، شباباً وفتيات، آفةٌ ولدت الضغائن والأحقاد، والعداوة والبغضاء، آفة أوجبت غضب الرب، ونقلت العبد من ديوان الصالحين إلى سبيل الفاسقين، تلك آفة السباب واللعان.
تلك الآفة، السباب واللعان، خصلة لا تليق بالمؤمن، لا تليق بالمؤمن حقاً، ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا البذيء"، فيا أيها المسلم احرص على تهذيب لسانك، وتحسين ألفاظك، وتعديل خطابك للآخرين، اجتنب الألفاظ القبيحة، والكلمات البذيئة، والألقاب السيئة، وكن على حذر منها،
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ﴾ [الإسراء:53]، والله يقول لنا:
﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ [البقرة:83].
إن نصوص الكتاب والسنة دلت على تحريم السباب واللعان، ورتبت عليه الآثار السيئة، والعقوبة العظيمة،
قال - جل وعلا -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب:58]،
ويقول - صلى الله عليه وسلم -:
"لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله، ولا بالنار".
وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن السابَّ للمسلم
قد ارتكب إثماً عظيماً، فقال: "سباب المسلم، فسوق وقتاله كفر"، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن المتسابَّيْن شيطانان، فقال: "المتسابان يتهاتران ويكذبان"، وأخبر أن لعن المسلم كقتله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن المسلم كقتله"، وأخبرنا - صلى الله عليه وسلم - أن اللعنة إذا صدرت من إنسان تصعد للسماء فتغلق دونها أبواب السماء، فتهبط إلى الأرض فتغلق دونها أبواب الأرض، فتأخذ يميناً ويساراً، فإن وجدت ملجأً وإلا رجعت على مَن لُعِنْ، فإن لم يكن أهلاً لها رجعت على قائلها، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - عن المتسابين فقال: "المتسابان ما قالا فعلى البادئ منهما، ما لم يعتد المظلوم".
أيها المسلم: فاحذر السباب في كل الأحوال، واتقِه قدر الاستطاعة، وحاول ترويض نفسك عن الترفع عن هذه الدنايا، فأعظم السباب وشرّه سب الله - جل جلاله -، أو سب نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أو سب دينه، فذاك من أعظم الذنوب وأكبرها، إذ سب الله ورسوله لا يصدر من قلبٍ به إيمان، فلا يسب اللهَ مؤمنٌ يخاف الله ويتقيه، ويؤمن بأنه ربُ كل شيءٍ وخالقه، ولقد قال العلماء إن سب الله ورسوله ردة عن الإسلام، وقال بعضهم لا تقبل توبة سابِّ الله ورسوله؛ فإنه ارتكب إثماً وجرماً عظيماً، قال الله - جل وعلا -: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۞ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة:65 - 66].
أيها المسلم: مسبَّةُ رسول الله لا تليق بمسلم، إذ المؤمن يحب الله ويحب رسوله، ويحب أنبياءه وملائكته، فالساب لرسول الله، والطاعن في رسول الله، والعائب لسنته، والمتنقص لشريعته، دليل على فقدان الإيمان من قلبه، إذ لو كان في قلبه إيمانٌ حقاً لعظَّم الله، وعظَّم رسوله، وعظَّم شريعة الإسلام، وأجلَّها.
أيها المسلم: ثم من أعظم السباب بعد ذلك لعنُك والدَيْك: أباك وأمك، سواء لعنتهما مباشرة أو كنت السبب في لعنهما، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أكبر الكبائر لعن الرجل والديه"، قالوا يا رسول الله، وهل يلعن الرجل أبويه؟ قال: "يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه"، فاحذر أن تكون سبباً في إيذاء أبويك في إيذائك للآخرين، فتجنب ذلك، فذاك خير لك وأهدى سبيلاً.
وحذرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من أن نسب الدهر، فإن الدهر مخلوق لله، فلا يليق بنا سبُّه، في الحديث، يقول الله: "يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار".
ونهانا عن سب الريح فقال: "لا تسبوا الريح، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم إني أسألك خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أُمرِتْ به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أمرت به".
ونهانا ربنا عن سب آلهة المشركين خوفاً من أن يسبوا رب العالمين،
فقال: ﴿ وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام:108]،
ونهانا عن سب الأموات، لأن في سبهم إيذاءً لأولادهم الأحياء، ولا يتحقق بها مصلحة، فقال: "لا تسبوا الأموات، فقد أفضوا إلى ما قدموا"، وقال: "إنَّ سب الأموات يؤذي الأحياء".
ونهانا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن سب أهل المعاصي، فنهانا عن سب أهل المعاصي، فإن سبهم لا يحقق شيئاً، ربما يزدادون طغياناً إلى طغيانهم، ولا يقبلون توجيهاً ولا نصحاً، قال أبو هريرة: أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - برجلٍ قد شرب الخمر فقال: "اجلدوه"، قال أبو هريرة: فمنا الضارب بعصا، ومنا الضارب بالنعل، أو باليد، أو بالثوب، فقال رجل: لعنه الله، ما أكثر ما يُؤتى به! فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُعينوا الشيطان عليه"، فنهاهم عن سبه؛ لأن سبه يقسِّي قلبه، ولا يقبل منك نصحاً ولا توجيهاً، بل بدل السب الدعوة له والتوجيه إلى الخير، فذاك أولى من سبابه.
ونهانا ربنا - جل وعلا - عن سَبِّ أصحاب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أصحابَ رسول الله خِيرةُ الأمة، وصفوة الخلق، اختارهم الله لصحبة نبيه، ونصرة دينه، فالسابُّ لهم، والقادح فيهم، والظالم لهم، إنما هو - والعياذ بالله - انتقاصٌ لهذه الشريعة، فإنهم حمَلة السنة والقرآن، أنصار الله، وأنصار رسوله، من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان،
قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة:100].
فمن سبهم فقد كذَّب الله، فالله يترضى عنهم،
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ [الفتح:18]،
ونبينا يقول: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه"، فمحبتهم واجبة، وبغضهم من النفاق، والقدح فيهم دليل على خبث القلوب.
وكذلك أمهات المؤمنين، زوجات محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فالترضِّي عنهم واجب، ومحبتهم واجبة، والقدح فيهن قدحٌ في رسول الله، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خير نساء النبي، وأحب نساء النبي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، المبرأة من فوق سبع سماوات سابُّها عاصٍ لله، والقادح في عرضها مُكذِّب لله ورسوله، قادحٌ في شرع الله.
أيها المسلم: احذر سبَّ ولاة الأمر، العلماء والقادة، فإن هذا السب لا خير فيه، يُوغر القلوب، ويملؤها حقداً وخبثاً، اجعل مكان السب الدعاء بالخير، والتوجيه والنصيحة، فذاك هو الخير والفضل، أما هذا السباب والشتام فلا يؤدي خيراً، ولا ينتفع به أيّ أحد، فلنتق الله في أنفسنا، ولنتعامل فيما بيننا بالأدب الشرعي، وليكن التفاهم والتعاون بدل هذه الألفاظ البذيئة، والكلمات الوقحة التي لا خير فيها وتترك أثراً سيئاً، فإن الألفاظ السيئة أعظم جَرحاً من مجرد الضرب، فإن آثارها باقية، فلنتق الله، ولْنتعامل فيما بيننا بالمحبة والمودة.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، إنه على كل شيء قدير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
|
hgsf ,hgguhk ogr sdx hlQm ogr adx ,hgguhk
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 04:24 AM
|
#2
|
رد: السب واللعان خلق سيء
نسال الله لنا ولكم الهداية وتهذيب النفس ,,
جزاك الله خيراً ..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 05:49 AM
|
#3
|
رد: السب واللعان خلق سيء
اللهم آمين
شكرا لك هذا التواجد الرائع
بطيب الدعاء وحسن الرد
دمتي بخير
والله يحفظك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 07:35 AM
|
#4
|
رد: السب واللعان خلق سيء
جَملْ الله قَلبكْ بِنوٌرْ الَإيمَآنْ..وُمتعكْ بِروٌعةُ الجِنَآنْ
وُكتبَ لَك الَأجرْ وٌالثوُآبْ
لَكِ جَزيِلْ الشُكرْ وٌخَآلصْ الدُعَآءْ بِ التوُفيِقْ
وُجعلكِ الله كَمَآ تُحبِْ وٌترضَىَ وٌكُتِبَ لَك الرِضىَ
[ حَمَآك ِربيِ:~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 08:54 AM
|
#5
|
رد: السب واللعان خلق سيء
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَسنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِـي الْدُنَيــا وَالْآخــــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَـــــــطـاء وَدُي قبَلْ رَديُ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 11:35 AM
|
#6
|
رد: السب واللعان خلق سيء
جزاك الله الف خير
وجعله الله في ميزان حسناتك يارب
لروحك الورد
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 04:52 PM
|
#7
|
رد: السب واللعان خلق سيء
جَملْ الله قَلبكْ بِنوٌرْ الَإيمَآنْ..وُمتعكْ بِروٌعةُ الجِنَآنْ
وُكتبَ لَك الَأجرْ وٌالثوُآبْ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 06:41 PM
|
#8
|
رد: السب واللعان خلق سيء
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 10:56 PM
|
#9
|
رد: السب واللعان خلق سيء
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-04-2015, 11:00 PM
|
#10
|
رد: السب واللعان خلق سيء
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك وفي طرحك القيم
وجعل ماقدمت في موازين حسناتك
الله يعطيك العاافيه
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:42 PM
| | | | | | | | | |