نفحات آيمانية ▪● (يهتم بشؤؤن ديننا الإسلامي الحنيف) |
|
|
12-15-2014, 02:04 AM
|
|
|
|
إن ربي لطيف لما يشاء
وصية الله لكم سبحانه وتعالى في كل زمان ومكان تقواه جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).
أيها الإخوة الكرام..
حقائق القرآن لا تحتمل إلا اليقين بها، يقيناً لا يتطرق إليه الشك، بل لابد أن نعي أن ما يجري به قدر الله إنما يسوقنا إلى قوة اليقين بوعد الله، حوارٌ جرى واستمعتُ إليه بين اثنين من أهل العلم في الشؤون الحادثة، والبلايا التي قدرها الله عز وجل على العباد والبلاد في بعض أقطارنا، وربما طال بعض أمدها واشتد كربها، وعظم طغيان العدو فيها، فكان من مقولة واحد من أولئك العلماء أن العباد إذا أقاموا أمر ربهم واستقاموا على شرعه فبغى عليهم من بغى أو اعتدى من اعتدى فإنه يجب عليهم أن يقوموا بأمر الله وهو حين ذاك التقوى والصبر، وانتظار الفرج، والعجب أن انتظار الفرج عبادة في حد ذاته، لأنه تعلق بالله ويقين بوعد الله، وشكر على بلاء الله وانتظار لحمد وشكر: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ} (الروم: 4-5).
فهل نحن ندرك ذلك في أعماق قلوبنا فنقول إن الصبر ذاته وحده إن كان عن يقين هو علاج وهو مواجهة للبلاء، وأن عاقبته كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى تكون عاقبة خير وفرج ونصر وعز وتمكين لأمر الله، وبقدر الله وبما يسوقه الله عز وجل من لطفه وتدبيره جل وعلا، وهنا مضيتُ مع الآيات أتأمل فيها وأتدبر لنشعر بهذا الحوار وهو يقينه، كما سمعتم، يقول الحق جل وعلا في قصة يوسف عليه السلام في المشهد الأخير بعد طول من الزمن وتقلب في الأحوال وكثير من أسباب الكيد والأذى والضر والعدوان: {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ {99} وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (يوسف: 99-100).
مشهد في هذه الآيات يوجز مسيرة القصة كلها، لكنها تروى هنا بلسان نبي لم يفارقه إيمانه لحظة، ولم يتزعزع يقينه ذرة، وكان في كل أحواله متقلباً في طاعة ربه وعبادته في ظلمة السجن وفي سدة الحكم، في الوقت الذي كان فيه الكيد بالحسد، وفي الوقت الذي كان فيه الإغراء بالشهوة كان في كل أحواله مع ربه مع أنه لم يكن له حول ولا طول بقوة أو بسبب مادي لكن سبب اليقين والإيمان كان أقوى.
{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ} قال السعدي في تفسيره: أي يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، قد يسوق الله بلاءً تكرهه النفوس لكنه هو الطريق إلى مرضاته، وهو العروج إلى المنازل العالية التي أرادها للأصفياء والأولياء من عباده، وكما ختم الله جل وعلا الآية بقوله: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} العليم الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها وأسرار العباد وضمائرهم، الحكيم في وضعه الأشياء في مواضعها وسوق الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها، اللطيف سبحانه وتعالى هو الذي يدرك الخبايا والخفايا وما احتوت عليه الضمائر فيلطف بأوليائه وأصفيائه، فيسوق لهم من أقداره ما يكون خيراً لهم في دينهم ودنياهم وعاجل أمرهم وآجله، ولذا فإن الصبر في ذاته والتسليم لأمر الله والتفويض له هو عبادة يقين وإيمان وهو عمل وليس تركاً للأسباب، فينبغي أن ندرك هذا بهذا.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي في سننه وعند أبي شيبة وقد حسنه الترمذي والسيوطي دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: "اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب"، ولعل هذه الكلمات فيها حقيقة أن العبد يطلب ويسأل ويسعى ويعمل لكن يقينه ينبغي أن يكون أن ما يقدره الله وما يسوقه إليه هو الخير الذي يرضى به، "ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب" اجعله قوة لطاعتك وشكرك والقيام بأمرك، "وما زويت عني -أي: ما صرفت عني- مما أحب أنتظره وأترقبه فاجعله اللهم لي فراغاً فيما تحب"، ما صرفت عني من ذلك فرغني فيه لطاعتك ولمرضاتك، ولأسلك طريقاً آخر هو أحب إليك ويقربني ويدنيني منك، ومن هنا نعلم ما يسوقه بعض العلماء في قوله: "اللهم الطف بنا فيما جرت به المقادير"، اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك لطفك فيه، فتسوق لنا مما خفي علينا ما هو خير لنا مما كنا نؤمل أو نظن أن فيه الخير لنا.
وتأملوا في وجه واحد ولست هنا أتحدث عن لطف الله فحديث عن ذلك يقتضي حديثاً واسعاً، في شأن الرزق يقول الله جل وعلا: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ} (الشورى: 19)، وفي موطن آخر يقول: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ} (الشورى: 27)، حكمة منه سبحانه وتعالى وهو الحكيم، وهو الخبير وهو اللطيف بعباده.
وأنتقل بكم إلى المشهد الذي يؤكد لنا ما يجب علينا من الإيمان واليقين وما هو واجب علينا من العمل الإيماني في أوقات المحن، ومرة أخرى من قصة يوسف ومن مقولته في قصته لما دخل عليه إخوته: {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ {88} قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ {89} قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ} (يوسف: 88-90)، ما كانوا يصدقون! يرونه يقول هو يوسف، لكنهم علموا أن يوسف في غيابت الجب فكيف يكون في سدة الحكم!؟، ما كانت عقولهم تحتمل ذلك أو تفكر كيف يمكن أن يكون قد يرى ذلك، {أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}، ماذا فعلت يا يوسف؟ ما الذي فكرت فيه؟ كيف دبرت الأمور؟ بمن استعنت حتى وصلت إلى هذا؟ الوصف في كلمتين: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}، كن مع الله في مراده يسوق لك من أسبابه ما لا يخطر لك ببال، بل إنه يسخر لك عدوك كما فعل في شأن موسى عليه السلام، فرعون الذي كان يقتل كل وليد ساقه الله ليحتضن موسى الذي سيكون هلاكه على يديه ويربيه في بيته وعلى عينه ويغذيه من ماله، ويعطيه الأمن في حرسه وجنده سبحانك ربي {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ} (يوسف: 100)، فانظر إلى هذه الآية: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
قال ابن القيم: قال الحسن البصري: "لا تكرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تؤثره فيه عقابك"، فينبغي لنا أن ندرك ذلك كما قال الحق جل وعلا: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216).
قال ابن تيمية رحمه الله: "إذا أوذي المؤمن على إيمانه وطلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان وإن لم يفعل أوذي –ما هو الحل؟- قال: اختار الأذى والعقوبة على فراق دينه"، إما الحبس وإما الخروج من بلده كما جرى للمهاجرين حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين، وكانوا يعذبون ويؤذون، وتأملوا إلى هذا المعنى وقد تكررت به الآيات في ثلاثة مواضع في سورة آل عمران اثنان منها في حادثة عظيمة اشتد فيها الكرب على المسلمين وعظم فيها حزن قلوبهم في يوم أحد يوم استشهد سبعون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيهم عظام وفيهم حمزة عم رسول عليه الصلاة والسلام.
في هذه الواقعة تأتي الآيات: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} (آل عمران: 120)، إذا كان عندهم كيد وقوة كيف تواجهونه؟ {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، وفي الآية الثانية: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ} (آل عمران: 124)، حتى جاء قوله سبحانه وتعالى: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمران: 125)، إن صبرتم واتقيتم تنزل نصر الله وتهيأت أسبابه من حيث تعلمون ولا تعلمون، من ملائكة تتنزل أو ريح تطفئ النيران، أو تقلع الخيام أو غير ذلك من رعب يقذفه الله في قلوب الأعداء أو تسليط للأعداء على بعضهم فالله يجري قدره بما يشاء وكيف يشاء، بحكمة سبحانه وتعالى يعلمها وبلطف يسوق فيه الخير إلى عباده وأوليائه وأصفيائه كما ساقه في يوم أحد إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليعظم إيمانهم ويرسخ يقينهم ويشتد بالله تعلقهم ويعظم في الآخرة رجاؤهم ويدركوا كما قال لهم ربهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا} (آل عمران: 165)، كيف حصل هذا وفينا سيد الخلق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟، كيف حصل هذا ونحن صفوة خلق الله من أصحاب رسول الله؟، كيف حصل هذا وفي القوم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الكرام؟ {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} حصل شيءٌ ضعف شيءٌ من الإيمان واليقين، مالت النفوس بطبعها في فترة ضعف إلى الدنيا فقال جل وعلا، {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران: 152).
فهل هناك أكرم على الله من رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يشتد البلاء عليه فيدمى وجهه ويشج رأسه وتكسر رباعيته عليه الصلاة والسلام، وهل هناك أفضل من سيد الخلق عليه الصلاة والسلام حتى يبلغ به الجوع في يوم الخندق أن يربط حجرين على بطنه –بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهل تلك الصفوة المباركة وهي خير الأمة فهل هناك من هو خير منها حتى لا يبتلى ببلائها، لكن يقينهم وتقواهم وصبرهم فرّج الله بها عنهم كل ذلك بأمره سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا في الموضع الثالث من السورة نفسها: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران: 186)، في كل مرة: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُوا} في الأولى: {لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}، في الثانية: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} (فصلت: 30)، في الثالثة: {ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران: 186)، التي يريدها الله لأصفيائه وأوليائه فلا يعطون الدنية في دينهم ولا يضعفون في يقينهم ولا يبيعون مبادئهم، ولا يتراجعون عن مواقفهم، فإن فعلوا ذلك وصبروا عليه فذلك هو المطلوب منهم ولينتظروا فرج الله عز وجل فإنهم قاموا بعبادة ويقومون بعبادة كما قال سبحانه وتعالى في قصة موسى عليه السلام عندما كان يخاطب قومه وهو خطابٌ يقتضي منا التأمل والتدبر العميق تدبر إيمان وقراءة قلوب وتدبر وتأمل عقول: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {128} قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (الأعراف: 128-129)، تأملوا في لسان الإيمان تأملوا في نور النبوة، كان البلاء مشتداً وفرعون باطشاً طاغياً، وبنو إسرائيل مستضعفون لا يملكون حولاً ولا طولاً، {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ}، ثم قال لهم حقائق إيمانية يقينية كونية قدرية: {إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ} فهل يشك أحد في ذلك، ومن شك في ذلك أدنى لحظة فظن أن لأحد في كون الله يد يغير بها أو ملك حقيقي يملك به فهذا ملحق بفرعون يوم قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي} (الزخرف: 51)، {إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يجري بها قدره سبحانه وتعالى فإن اقتضت حكمته وجرى قدره بأن يكون في أرضه سلطان يخالف أمره أو يحارب دينه أو يذل عباده فذلك لحكمة يريدها، ولنعمة لأهل إيمانه ولأهل تقواه يخصهم بها كما جرت به الأقدار في كل آن وحين، فاحتمال الفتنة والصبر على البلية والحقائق الإيمانية خُتمت بعد ذلك بالحوار، كانوا جزعين فــ{قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} ما زلنا في بلاء ما زلنا في عناء امتدت المدة زادت الشدة، فأجابهم بلسان الإيمان والرجاء: {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ}، سبحانك ربي وكيف كان يقول ذلك موسى عليه السلام وأي سبب كان بيده وأي حيلة كانت في ذهنه لم يكن عنده إلا: {اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ}.
ولما جاءت الصورة الأخيرة والمشهد الختامي وكان فرعون وجنده والبحر في أمامهم: {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (الشعراء: 61)، انتهت القصة وختمت الخاتمة وتبخرت كل الآمال وضاعت كل الجهود كذا كأن لسان حالهم يقول، لكن لسان الإيمان واليقين والمرابطة على أمر الله قال قولاً آخر بقوة وجزم: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (الشعراء: 62)، هل كان يدرك؟ هل كان يعرف ماذا سيجري؟ هل كان يعرف ما الذي سيفعل؟ كلا، لكنها لحظات: {اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ} (الشعراء: 63)، وما عسى أن يفعل عصا ببحر، لكن القدرة الإلهية {فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}، نجا موسى ومن معه، وهلك فرعون وجنوده، ليس في كل مرة تكون المعجزات حسية، لكن معجزات الإيمان وإن لم تكن حسية فإنها في كثير من مشاهدها معجزات لمن ألقى السمع وهو شهيد، لمن تأمل فيها بقلبه ولذا في هذه رؤية النبوة لحقيقة الألوهية، ومعرفة النبوة للسنن الإلهية، وإدراك النبوة للملاذ الوحيد، والمخرج الوحيد: {اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ}.
Yk vfd g'dt glh dahx Hgh g'dt dahx vfd
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 02:17 AM
|
#2
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
جزاك الله خير وكتب اجرك
تحياتي..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 02:31 AM
|
#3
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
عمر الله قلبك بالايمان على ماقدمت من جميل الدرر
وغمرك ب فرحة دائمة على طرحك
لروحك ورد مخملي♥
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 05:05 AM
|
#4
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
لا اعلم ماذا اسمي هذا ابداع ام اخلاص ام ثقافه ام تحدي
اذهلتني ابدعاتك المتناثره في ارجاء المنتدى
كل التقدير والاحترام
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 06:55 AM
|
#5
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي إنتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 01:14 PM
|
#6
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
حسايف
سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
والزهور والأنغامْ
وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
لأقدمها لك تعبيراً عن شكري وإمتناني لردك الكريم ,,
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 01:14 PM
|
#7
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
كلافيكورد
سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
والزهور والأنغامْ
وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
لأقدمها لك تعبيراً عن شكري وإمتناني لردك الكريم ,,
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 01:14 PM
|
#8
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
اروى
سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
والزهور والأنغامْ
وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
لأقدمها لك تعبيراً عن شكري وإمتناني لردك الكريم ,,
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 01:15 PM
|
#9
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
متمرده
سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
والزهور والأنغامْ
وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
لأقدمها لك تعبيراً عن شكري وإمتناني لردك الكريم ,,
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-15-2014, 01:15 PM
|
#10
|
رد: إن ربي لطيف لما يشاء
شموخ
سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
والزهور والأنغامْ
وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
لأقدمها لك تعبيراً عن شكري وإمتناني لردك الكريم ,,
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:43 PM
| | | | | | | | | | |