يحتوي الحليب على العديد من العناصر الغذائية المهمّة، منها الكالسيوم الذي يحافظ على صحة العظام، الأسنان، ضغط الدم الطبيعي، وفيتامين دي D؛ الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم في الأمعاء، إلا أنَّ بعض الأشخاص يعانون من حساسية الحليب؛ بمعنى أنهم لا يستطيعون تحمّل البروتينات الموجودة فيه، فهؤلاء يمكنهم استبدال الحليب ذي المصدر الحيواني بالحليب النباتي مثل حليب اللوز والصويا.
فإليكِ كل ما تريدين معرفته عن حساسية الحليب في الموضوع الآتي، مع اختصاصية التغذية ميرنا الفتى، التي قالت بداية:
"تعرف حساسية الحليب بأنها ردّ فعل لأحد البروتينات الموجودة في الحليب الحيواني، وغالباً ما يكون سببه بروتين الكازين الموجود في حليب البقر، وفي بعض الأحيان يتم الخلط بين حساسية الحليب وعدم تحمّل اللاكتوز؛ لأنه غالباً ما تشترك بينهما الأعراض، حيث يحدث عدم تحمّل اللاكتوز عندما يفقد الشخص قدرته على هضمه بسبب نقص إنزيم اللاكتاز".
حليب البقر السبب الرئيسي للحساسية
وتتابع الاختصاصية ميرنا الفتى قائلة: "حليب البقر يعتبر السبب الرئيسي للحساسية لدى الأطفال، وعادة ما تُكتشف الحساسية بعد أشهر من الولادة، حيث إن الرضاعة الطبيعية هي واحدة من أفضل الطرق لتجنّب الحساسية، إلا أنَّ بعض الأمهات قد يشربن الحليب البقري، فيُنقل بروتين الكازين إلى الطفل من خلال حليب الثدي، مما قد يسبّب ردّ فعل غير طبيعي لدى الطفل وتظهر بمجموعة من الأعراض؛ لذلك يوصي معظم الأطباء الأمهات بإرضاع الطفل خلال الـ6 الأشهر الأولى، لتكون نسبة التعرّض للحساسية والعدوى أقلّ.
هذا ويقوم الجهاز المناعي للأشخاص الذين يعانون من حساسية الحليب بتحديد البروتينات الموجودة فيه على أنها ضارّة، مما يؤدي إلى إنتاج أجسام مناعية مضادّة، مثل الهيستامين الذي يسبّب معظم أعراض الحساسية. علماً بأنه يوجد نوعان من البروتينات الرئيسية في حليب البقر التي تسبّب الحساسية، وهما الكازين ومصل اللبن، والأشخاص الذين لديهم حساسية من حليب البقر لديهم أيضاً حساسية تجاه حليب الصويا في أغلب الأحيان.
وعادة ما يكون لدى الأطفال الذين يعانون من حساسية الحليب ردّ فعل بطيء؛ يتمثل بظهور الأعراض التي قد تتطوّر مع مرور الوقت، ومنها آلام البطن، الإسهال، الطفح الجلدي، السعال المتقطّع، سيلان الأنف، أو عدوى الجيوب الأنفية، القيء، القشعريرة، تورّم الجلد والفم، انخفاض ضغط الدم وصعوبة في التنفس، وفي حالات متطورة يمكن أن يؤدي إلى السكتة القلبية".
تشخيص حساسية الحليب والعناصر التي يجب تجنبها
لتشخيص حساسية الحليب، تقول الاختصاصية ميرنا الفتى: "يستخدم الطبيب عدّة طرق، حيث يقوم بإجراء الفحوص الجسدية اللازمة، منها وخز الجلد؛ من خلال وضع قطرة من السائل يحتوي على مسبّبات حساسية الحليب تحت الجلد على الساعد أو الظهر، وفي حال ظهور نتوء مرتفع محاط بحكّة حمراء حادّة، من المحتمل أن يكون لدى الشخص حساسية تجاه الحليب.
أما اختبار فحص الدم، والذي يقيس كمية الأجسام المضادّة في الدم، فيتم اللجوء إليه إذا كان لا يزال هناك شك في وجود حساسية.
هذا ويجب تجنّب قائمة من الأطعمة لمن يعانون من حساسية الحليب، ومنها اللبن، الحليب المركز، حليب البودرة، الزبدة، القشدة، والجبن، بالإضافة إلى الصلصات التي تحتوي على الجبن، الكاسترد، والآيس كريم، بالإضافة إلى الأطعمة التي تحتوي على بروتين الحليب، بما في ذلك الخبز، الكوكيز، الكعك، خليط الكيك، حلوى الشوكولاتة، والكريمة، السمن، اللحوم المعلّبة والجاهزة، منتجات مصل اللبن، الزبدة المصنّعة، ونكهة الجبن.
ويقلل تجنّب تناول الحليب أو الأغذية التي تحتوي على الحليب من التعرّض لحساسية الحليب، لذلك يجب على الأشخاص الذين لديهم حساسية حليب وأولياء أمور الأطفال الذين يعانون أطفالهم من الحساسية أن يقرأوا الملصقات الغذائية بعناية؛ إذ توجد بروتينات الحليب في العديد من الأطعمة، بما في ذلك جميع منتجات الألبان، وقد تحتوي التونة المعلّبة، السجق، اللحوم، وغيرها من المنتجات غير الألبان على الكازين، كما تحتوي مشروبات الطاقة أيضاً على مصل اللبن، بالإضافة إلى أن بعض أنواع العلكة تحتوي على بروتين الحليب أيضاً".
وتتابع الاختصاصية ميرنا الفتى قائلة: "إن العلاج الوحيد والمقبول على نطاق واسع لحساسية الحليب في الوقت الحاضر هو تجنّب الحليب ومنتجات الألبان، خاصة أن حساسية الحليب هي أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً بالنسبة للأطفال، وهي ثاني أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً لدى البالغين. وعلى الرغم من أنه من الشائع نسبياً أن يتفوّق الأطفال على حساسية الحليب لديهم، وأحياناً في سن مبكرة جداً، إلا أن هذه الحساسية قد تستمر حتى مرحلة البلوغ، وربما قد تدوم مدى الحياة".
حساسية الحليب لدى البالغين
حول إصابة البالغين بحساسية الحليب، تشير اختصاصية التغذية ميرنا الفتى إلى أن "الكبار يعانون من أنواع الحساسية نتيجة التغيرات التي تشهدها أجسامهم، ومنها التقدّم في السن، وهو من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حساسية الحليب لديهم، وهذا يعني أن الجهاز الهضمي في الجسم لم يعد باستطاعته هضم مادة اللاكتوز التي يحتويها الحليب، ما يؤدي إلى تعرّض المعدة للكثير من المشاكل الصحية. فيما ضعف إنتاج إنزيم اللاكتاز في المعدة يمكن أن يكون أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حساسية الحليب عند الكبار، كونها مسؤولة عن تفتيت اللاكتوز. ومع هذا الضعف في إنتاج هذه المادة يصبح هضم الحليب في الجسم غير ممكن؛ الأمر الذي يسبب الآلام في المعدة عند تناول الحليب، أو التعرّض للتسمم، أو لوعكة صحية في الأمعاء.
كما أنّ تناول بعض الأدوية المؤذية للمعدة هو من الأسباب المؤدية إلى الحساسية تجاه الحليب عند الكبار، وهذا الأمر مردّه إلى بعض المضاعفات التي تحصل عند تناول دواء معيّن يؤثر سلباً في بعض الأحيان على الأمعاء والمعدة".