08-14-2020, 07:52 PM
|
|
|
|
تامل بقلمى
أفقت من نومي وأول ما دار بخَلَدي بعد استيقاظي قولُ الله تعالى على لسان الخليل عليه السلام: ﴿إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين﴾
ولا أعلم ما الذي استحضره إليَّ وما مناسبة وروده لخاطري، لكني أحسست أن في هذا اللفظ معانيَ عظيمةً تستتر وراءه، وأول ما بَدَر إليَّ بعد التأمل فيه هو أن لفظ الذهاب فيه دلالة على شدة الاتصال بين الذاهب والمذهوب إليه، وفيه أيضًا دلالة على شدة القرب والجوار، ألا ترى أنك لو كنت مقيمًا بين ظَهرانَي ناس وشعرت ببغضهم إياك وبغضك إياهم، قلت بينك وبين نفسك أو قلت لهم: إني مفارقكم وذاهب إلى فلان، فهو مَن به آنس، ومني لا يَمَل..؟!
فكأنه بقوله: (ذاهب). يقول: سأنتقل من داركم إلى دار من يحبني وأحبه، فكان في اللفظ إشعار بسرعة الانتقال وقصر المسافة، وهذه السرعة يناسبها الذهاب لا الارتحال أو السفر أو الهجرة. فتأمله.
كما أن فيه الوثوق بحسن استقبال من هو ذاهب إليه وحسن ضيافته والتنعم بمصاحبته، كأنه قال ذلك على سبيل اليقين بعدم رده وطرده، وكيف يكون ذلك منه وهو الكريم المشهود له بالكرم ولا يرد من أتاه..؟!
ولعل هذا الذي ذهبنا إليه يعاضده ما أخبر به الله تعالى من اتخاذه إبراهيم خليلا.
ومن مقتضيات الخلة أو من لوازمها - كما نعلم- ألا يضيق الخليل بخليله ذرعا، وأن يكون مستقبله هاشا بقدومه فاتحا له داره متى جاء في أي وقت شاء.
لكن ربما يعترض معترض فيقول: قد جاء في آية أخرى غير التي في الصافات على لسانه عليه السلام أنه قال: ﴿إني مهاجر إلى ربي﴾. أفلا يُعكِّر هذا على ما ذهبتَ إليه، حيث فُسر الذهاب في الصافات بالهجرة التي في العنكبوت.
قلت: ليس في الأمر تعارض، فقد يكون مقام هذه غير مقام تلك، أو أنه جل وعلا عبر بلفظين لاختلاف حالين، فقد اختلفت التفاسير في آية الصافات على ثلاثة أقوال، منها أن معنى ذاهب أي مهاجر كما أسلفنا.
ومنها أن معنى ذاهب: أي بقلبي ونيتي وعملي، وهذا قول قتادة.
وثالثها أنه قال ذلك حال وروده على النار، وفسر بالموت وذهابه له سبحانه في جنات النعيم، لأنه اعتقد عدم نجاته منها بمقتضى ما يؤدي إليه العقل، وهذا القول غير راجح لسياق الآيات بعده.
وعليه فنقول: إن مجيء الآية بلفظ الذهاب إنما ليدل على ما أسلفناه من أنه أراد به سرعة الانتقال إلى جوار من يحب، فهو وحده من سيؤنسه ويخفف عنه ما لاقاه من عناد قومه بعد غلبته عليهم ومحاجته إياهم، فهو انتقال روحي غير مادي، وفي تفسير قتادة ما يدعمه.
وأما لفظ الهجرة فيدل على الانتقال الحسي وشخوصه ببدنه من دار قومه إلى الشام، فناسب البعد بين الدارين هذه اللفظة، فقد فر بدينه منهم على جهة الحقيقة بعد عدم التماس أي رجاء في إيمانهم، بحيث يستطيع أن يعبد الله في مكان لا يُضطهد فيه، أو يقطع عليه أحد طريق السلوك إلى ربه. وبهذا يمكن الجمع بين القولين. والله تعالى أعلم.
بقلمى صدى
jhlg frgln fhNg frgld
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ صدى الحرمان على المشاركة المفيدة:
|
|
08-14-2020, 08:39 PM
|
#2
|
[
رد: تامل بقلمى
جزاك الله خير
وبارك الله فيك ونفع بطرحك
وجعلها الله في موازين حسناتك
مودتي وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-14-2020, 08:56 PM
|
#3
|
رد: تامل بقلمى
الله يجزاك كل خير على مجهودك
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
| | |