.
من المعلوم أن أمراض شرايين
القلب هي السبب الأول للوفيات في العالم ومن الأسباب الثلاثة الأولى للإعاقة عن العمل بعد الحوادث والأمراض النفسية.. وعلى الرغم من أن أمراض
القلب يسهل الوقاية منها ويسهل كذلك تشخيصها وعلاجها ومتابعتها عن قرب إلا أنها في ازدياد في جميع أنحاء العالم وذلك لأن نمط الحياة العصري من كثرة الأعمال والضغوطات النفسية وقلة الحركة والإكثار من الأطعمة السريعة أدّى إلى دفع ضريبة الحياة العصرية وهي أمراض شرايين
القلب التاجية.. وهي بلا شك ضريبة غالية قد يخسر فيها الإنسان صحته أو حياته كاملة!! وسنعرض إلى بعض التصرفات الخاطئة التي رأيتها حديثاً في من أصيبوا بجلطات
القلب وذلك لتسليط الضوء على هذه الأخطاء والتعليق عليها.. لنشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع.
المفهوم الخاطئ الأول: أن يقول المدخن إن سيارات الإسعاف الآن في كل مكان وإذا حدثت الجلطة لا سمح الله فأستطيع الذهاب مباشرة إلى المستشفى وعلاجها؟!
والتعليل أعلاه نسمعه كثيراً من الشباب المدخنين ليبرروا ذلك السلوك غير الصحي.. ولكن المشكلة في هذا الرأي أن نحو 40 % من جلطات
القلب الحادة تأتي على شكل توقف مفاجئ للقلب وبالتالي الوفاة من دون أي مقدمات!! فليس لديه وقت لأن يرفع سماعة التلفون ويطلب سيارة الإسعاف أو يطلب المساعدة ممن حوله.. ولذلك فإن الوقاية في مثل تلك الحالات لا تقدر بثمن.
المفهوم الخاطئ الثاني: أن يقود سيارته بنفسه أو يطلب من أحد إخوانه قيادتها إلى المستشفى لأنه يستبطئ وصول سيارة الإسعاف!
أوجدنا في الدراسات الطبية المحلية أن نحو 90 % من مرضى جلطات
القلب يذهبون إلى المستشفى بسيارتهم أو بسيارة صديق أو قريب لهم.. وفي الحقيقة إن في ذلك خطورة على المريض حيث إن واحداً من كل ثلاث مئة حالة تستخدم هذه الطريقة يتوقف قلب المريض فيها أثناء الطريق مما يسبب ضرراً لنفسه ولمستخدمي الطريق الآخرين.. وفاجعة لمن يسوق به قد تؤدي به إلى سرعة مفرطة يضر بها نفسه والآخرين من حوله.. وفي نفس الوقت لم يساعد المريض.. وهذا يختلف تماماً عندما يكون المريض في سيارة إسعاف مجهزة بأشخاص يمكنهم التعامل مع مثل هذه الحالات وفي نفس الوقت لا تسبب الضرر لمستخدمي الطريق الآخرين.. والنقطة الأهم في ذلك أنه قد يبدأ الأشخاص المدربون في الإسعاف بمذيبات الجلطة قبل الوصول إلى المستشفى مما يقلل من مضاعفات الجلطة المحتملة.. والمشكلة أنه إذا أسرع أوقفه المرور قسراً!! (لأنه يصبح خطراً على الآخرين).. والهدف ليس سرعة الوصول للمستشفى بقدر ما هو سرعة وصول جهاز الصعق الكهربائي للمريض في سيارة الإسعاف لأن ذلك هو أخطر ما يواجه المريض أثناء حدوث الجلطة الحادة.
المفهوم الخاطئ الثالث: أن يتأخر في الحضور للمستشفى رغبة في التأكد من الأعراض لأنها متقطعة تأتي على فترات؟!
التأخر في الحضور للمستشفى يحمل خطورة عالية لأن توقف الدم عن عضلة
القلب يؤدي إلى تلفها.. وقد يتردد المريض لأسباب عده منها الاستحياء أن يذهب للطوارئ ويطلع ما فيه شيء.. كما قال لي أحد المرضى.. والصحيح أن تستدعي الإسعاف وتترك للمختصين الحكم.. فإن تخطئ في استدعاء الإسعاف لألم ليس من
القلب أهون بكثير من أن تخطئ في عدم استدعاء سيارة الإسعاف وأنت تعاني من الجلطة كما أن ذلك التلف يزداد مع مرور الوقت بين توقف الدم من تروية عضلة
القلب بسبب انسداد الشريان إلى وقت فتح الشريان ورجوع الدم مرة أخرى إلى العضلة وكلما طال ذلك الوقت كلما تلفت العضلة، هذا يعني بالتالي فشل
القلب واختلال نبضات
القلب بل وفي أحيان معينة تمزق العضلة القلبية بسبب الجلطة وبالتالي الموت المفاجئ.. وتمزق عضلة
القلب أو ما يسمى نزف
القلب أثناء الجلطة الحادة هو أحد المضاعفات المميتة والخطيرة التي تحدث، وهي تحدث في نحو واحد إلى اثنين بالمئة من جميع جلطات
القلب الحادة ويزداد حصولها إذا وصل المريض متأخراً وكان هناك ارتفاع كبير في أنزيمات
القلب مما يعني أن الجلطة كبيرة وأيضاً لم يتم علاجها بصورة سريعة.
المفهوم الخاطئ الرابع: أن يبدأ بالكحة المتواصلة لأن ضحايا السكتة القلبية يستطيعون مساعدة أنفسهم بواسطة الكحة بقوة شديدة وبشكل متكرر حيث يجب على المصاب أن يأخذ نفساً عميقاً قبل كل كحة. والكحة يجب أن تكون عميقة وطويلة وتتكرر كل ثانيتين على الأقل من دون توقف أو استسلام إلى أن تأتي المساعدة أو حتى يشعر أن
القلب رجع للنبض الطبيعي، التنفس العميق يدخل الأكسجين إلى الرئتين أما حركة الكحة فهي تضغط على
القلب وتحرك الدورة الدموية والضغط على
القلب المتولد عن الكحة يعيد النبض الطبيعي للقلب أيضاً.
أوضحت جمعية
القلب الأميركية خطأ هذا التصرف وخطورة نشره بين العامة (جمعية
القلب الأميركية لا توصي باستخدام الكحة المتواصلة للإنعاش القلبي الرئوي ويجب ألا يوصى به لعامة الناس) وحتى المجلس الاستشاري البريطاني للإنعاش القلبي يقول (لا نعلم دليلاً على أن الكحة المستمرة تفيد مريض الجلطة الحادة أثناء وقوعها).
561_f200dc7ff2.jpgالشباب المدخنون قد يبررون بعض تصرفاتهم من خطورة الجلطات بمفاهيم خاطئة