في
انتظار اللحظة القادمة!
هناك نمط شائع في الحياة، وهو أنَّ معظم الناس يتعاملون مع
اللحظة الحالية على أنها مجرَّد وسيلة للوصول إلى
اللحظة التالية.. ويظنون دائماً أنَّ
اللحظة التالية أهم من هذه اللحظة.
انظر إلى هذا النمط في الأمور البسيطة في حياتك.. مثلاً عندما تستيقظ من نومك وترتدي ملابسك للذهاب إلى العمل هل ترتدي ملابسك بطريقة آلية وأنت شارد الذهن تفكر في
اللحظة التالية.. أم تعيش
اللحظة بالكامل وتتحسَّس ملمس ملابسك وأنت تضعها على السرير وتنظر إليها بامتنان وتقدير وتشعر بها عندما تلبسها؟
إذا كان كل همك هو الوصول إلى
اللحظة التالية وكنتَ تتعامل مع هذه
اللحظة على أنها مجرد عقبة تحول بينك وبين الوصول إلى لحظة التالية ستكون طريقة تفكيرك هي: أنني أريد أن أتخلص من هذه
اللحظة كي أحصل على لحظة أفضل!
معظم الناس لا ينتبهون إلى هذا النمط الشائع في حياتهم لأنه صار طبيعياً جداً واعتادوا عليه!
وهناك أناس يتعاملون مع فترات طويلة من حياتهم بهذه الطريقة.. مثلاً هناك أناس يقضون الأسبوع كله وهم في
انتظار عطلة نهاية الأسبوع.. يقولون: تبقت ثلاثة أيام لعطلة نهاية الأسبوع.. تبقى يومان فقط لعطلة نهاية الأسبوع!
وهناك من يقضون حياتهم في
انتظار وظيفة أفضل!
أو في
انتظار إيجاد الشخص الذي يجعلني سعيداً!
أو في
انتظار أن تتحسَّن الأمور!
أو في
انتظار التقاعد للمعاش!
يقول أحدهم: بعد سنوات سأتقاعد تقاعداً مُبَكِّراً للمعاش وبعد ذلك سأقضي حياتي في لعب الغولف والاسترخاء على الشاطئ!
يقول إيكارت تولي: هناك مسرحية مشهورة اسمها: (في
انتظار جودو) وهي تدور حول رجلين ينتظران وصول شخص اسمه (جودو) ولكن (جودو) هذا لا يصل أبداً.. هذا هو ما يحدث في حياة معظم الناس.. يعيشون حياتهم كلها في الانتظار.. لذلك كن حذراً!
إذا شعرتَ أنك تريد أن تُحسِّن أوضاع حياتك فهذا أمر جيد.. ولكن هناك احتمال كبير في النجاح في تحسين أوضاع حياتك إذا كنتَ تولي انتباهك للحظة الحالية بدلاً من محاولة الهروب منها والتخلُّص منها والنظر إليها على أنها مجرد عقبة تحول بينك وبين الوصول إلى الحظة التالية!
فإذا أوليتَ انتباهك الكامل للحظة الحالية فإنَّ ما يُسمَّى بالمستقبل من المُرجَّح أن يتحسَّن؛ وذلك لأنك سترى الخير الموجود في هذه اللحظة، وهذا سيقودك إلى مستقبل أحسن.
ولكن إذا كنتَ دائماً تفكِّر في
اللحظة التالية.. فأنت لن تستطيع أن ترى الخير الموجود في هذه اللحظة.. وسيصير الانتظار عادة راسخة في حياتك.. وحتى لو تحسَّنَت الأمور في المستقبل لن تشعر بالرضا أبداً.. وذلك لأنك ستكون دائماً منتظراً حدوث شيء آخر أهم في
اللحظة التالية!
منقول