كل إنسان كبيراً كان أم صغير يحتاج للحب والحنان ليتابع حياته على أكمل وجه والحنان الذي يحتاجه كل إنسان هو حنان الأم ولكن تحديداً الطفل هو الأكثر حاجة لحنان أمه لأنه في طور البناء لكيانه ولشخصيته ومستقبله.
وحنان الأم يغلق ثغرات كثيرة من الممكن أن تتشكل في شخصية الطفل وسلوكه بل أكثر من ذلك إن رزق الطفل بأم حنون فمن المؤكد أن حياته ستكون سليمة والعكس صحيح.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو:
ما هو الوقت الذي يتوجب على الأم أن تمنح طفلها الحنان؟ هذا سؤال مهم البعض يقول أنه عندما يصلح الطفل مدركاً وواعياً لما حوله يصبح بحاجة للحنان ولكن القول الأصح في هذا الشأن يقول أن الطفل منذ أن يكون في رحم أمه هو يشعر بها ويحتاج إلى حبها وفي أول لحظات الولادة يكون الطفل بأمس الحاجة للحنان ولضمة أمه وقبلاتها الحنون بل أكثر من ذلك فقد ذهب بعض العلماء انه بمجرد أن يولد الطفل يجب أن تحدثه أمه بكلمات رقيقة وعاطفية على إذنه لأنه الآن في عالم غريب ويحتاج للأمان وهو قادر على أن يشعر بحنان أمه وغالبا تراه بصمت عن البكاء إن ضمته والدته لصدرها بكل حب.
كما أن الطفل يحصل على جرعات الحب أثناء الرضاعة حيث أن الأبحاث ذكرت أن الأم التي ترضع طفلها من ثديها بكل حب وحنان على طفلها تكون معدلات الفائدة من حليبها للطفل مرتفعة جداً ويساعد الحليب الممزوج بالحنان في رفع القدرات الذهنية للطفل.
إذاً في تلخيص لهذه الفكرة فإن الطفل يحتاج للحنان منذ أول تكوين له في رحم الأم والضرورة الفعلية لحنان الأم تكون منذ لحظة الولادة الأولى، وللحنان فوائد جمة ولفقدان الحنان نتائج وخيمة فحنان الأم يساعد بشكل مباشر في تطوير القدرات الذهنية لدى الطفل ويجعل منه طفلاً أكثر ذكاءاً، كما أن الطفل المتمتع بالحنان هو طفل ناجح في دراسته وعلى أقل تقدير ستكون دراسته جيدة إن لم نقل ممتازة، والطفل المتمتع بالحنان هو الأقل ارتكابا للأخطاء والأكثر اعترافاً بالذنوب لأنه مدرك أن هناك قلباً حنون سيستوعبه ولن يغضب في وجهه، والحالة النفسية للطفل الذي يعيش بكنف حنان الأمومة هي حالة مستقرة وهادئة ونادراً ما تلاحظ العصبية على هذا الطفل، كما أنه أكثر ثقة بنفسه والأكثر قدرة على إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين.
نتائج فقدان الطفل للحنان والعاطفة:
الطفل المحروم من الحنان هو الأقل ذكاء والأقل تفوقاً في المدرسة، وعادة الطفل الغير متمتع بالحب والحنان يكون ذو طبيعة صعبة وقاسية وكثير المشاكل، وقليلا ما يشعر الطفل المحروم من الحنان بالأمان والراحة، كما أن التوتر والارتباك والاضطرابات النفسية أمور سيعاني منها الطفل الفاقد للحنان وهو الأقل قدرة على بناء علاقات اجتماعية وبعد أن يكون أسرة قد لا يتمكن من منح أطفاله الحب والحنان لأن هناك قاعدة تكون صحيحة في أوقات عدة وهي فاقد الشيء لا يعطيه، فالطفل المحروم من الحب والحنان سيشعر بالنقص تجاه بقية أقرانه وسيبحث عن تعويض هذا النقص ولكن ومع كل أسف يسير في الاتجاه الخاطئ دون أي تفكير أو توجيه.
أمور تعيق الأسرة عن منح الطفل الحنان:
هناك عدة أمور في حياتنا أحيانا تقف حاجزا بين الطفل وبين الحنان الذي يحتاجه وعلى الأسرة التفكير بهذه الأمور جيداً حتى لا تتعرض الأسرة لموقف تواجد الرغبة لديها في منح الطفل الحب والحنان ولكن الظروف من تمنع حدوث مثل هذا الأمر وان كانت الأسرة تشعر بما يتوجب عليها تقديمه للطفل من حب وحنان ولم يكن بيدها حيلة الأمر سيرتد عكسيا عليها قبل الطفل وستعاني الأم والأب من تداعيات الأمر على المستوى النفسي، ومن أهم معوقات الحب والحنان الظروف المعيشية القاسية للأسرة وعدم التناسب بين الدخل وبين الطلبات هذا الأمر من شأنه توجيه اهتمام الوالدين إلى العمل من أجل توفير حاجيات الحياة وهذا يستهلك وقتاً طويلاً مما يبعد الأهل عن الطفل، وكثرة الأطفال في الأسرة كلما كان هناك أطفال كثر داخل الأسرة كلما انخفضت حصة كل طفل من الرعاية والإنفاق ومن الحب والحنان وللأسف أحيانا نرى أسر لا تكترث للأمر ولا تتوقف عن الإنجاب. ويلعب ضعف العلاقة الأسرية دوراً كبيراً في تقهقر العلاقة الزوجية بين الزوجين وذلك من شأنه أن يساهما في حرمان الطفل من الحب والحنان لكثرة المشاكل بين الزوجين والتي تفكك الروابط الأسرية وتدفع كلا الزوجين إلى الاهتمام بخلافاتهم الشخصية على حساب ضروريات أطفالهم الأساسية.
ومن أكبر ما يقتل الحنان هو الطلاق ففي هذا الوضع يشتت الأطفال بين الأم والأب ويصبح الوضع أكثر كارثياً مع تزوج الأم من زوج غريب والأب من زوجة ثانية.