ما معنى استشراء الظلم في أمة بأكملها ؟
معناه أن الأمة بين ظالم و مظلوم و ساكت ..أما الظالم : فظلم الناس و ظلم نفسه بمعصيته و لم يجد من ينكر عليه أو ينصحه .
و أما المظلوم : فلم يجد من ينصره و لو حتى بنصح الظالم .
و أما الساكت : فهو أنواع : إما عالم بالحق بصير بالظلم و لكنه خائف من الظالم ..و إما عالم بالظلم راض بالدنيا باع دينه بدنيا هذا الظالم و إما مستغفل قانع بما يحدث بالظلم يقنع نفسه بأي تفسير يسوغ ما يراه من باطل . و الله أعلم .
عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « انصر أخاك ظالـمًا، أو مَظْلومًا. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مَظْلومًا، أفرأيت إذا كان ظالـمًا، كيف أنصره؟ قال: تَحْجُزُه، أو تمنعه من الظُّلم، فإنَّ ذلك نَصْره » [ البخاري] .
قال العلائي: (هذا من بليغ الكلام، الذي لم يُنْسج على منواله، و((أو)) للتَّنويع والتَّقسيم، وسمِّي رَدُّ المظالم نَصْرًا؛ لأنَّ النَّصْر هو العون، ومنع الظَّالم عون له على مصلحته، والظَّالم مَقْهور مع نفسه الأمَّارة، وهي في تلك الحالة عاتية عليه، فردُّه عونٌ له على قَـهْرها، ونُصْرةٌ له عليها) فيض القدير .
- وقد رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أيضًا بلفظ: «لينصر الرَّجل أخاه ظالـمًا أو مَظْلومًا، إن كان ظالـمًا فلينهه، فإنَّه له نَصْرٌ، وإن كان مَظْلومًا فلينصره» [ مسلم] .
قال البيهقي: (معنى هذا: أنَّ الظَّالم مظْلوم من جهته، كما قال الله عزَّ وجلَّ: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [النِّساء: 110]، فكما ينبغي أن يُنْصر المظْلوم -إذا كان غير نفس الظَّالم ليدفع الظُّلم عنه- كذلك ينبغي أن يُنْصر إذا كان نفس الظَّالم؛ ليدفع ظلمه عن نفسه) شعب الإيمان . وقال ابن بطَّال: (النَّصْر عند العرب الإعانة، وتفسيره لنَصْر الظَّالم: بمنعه من الظُّلم؛ من تسمية الشَّيء بما يؤول إليه، وهو من وجيز البلاغة) فتح الباري لابن حجر