يانفس ~
ليقيني أن أحق النفوس بالنصح نفسي ،
وأولاهم بالصدق ذاتي ،
فخاطبتها بأصدق العبارات وأنصحها :
يانفس :
هذه الأعوام والشهور والأيام تتفلت من بين يدي سريعا ،
ولو تأملتيها بعين النصح واليقين لأصبحتِ غير مصدقة لسرعتها ،
ولا مستيقنة بمضيها .
آلا تذكرين - يانفس-
بداية هذا العام الذي انصرمت أيامه ،
وتقوضت ساعاته ،
كيف مرت سريعا كأن أول يوم فيها قد ابتدأ للتو ،
وإذا به عام قد انقضى من عمري كنت قد خلفت قبله أعواما .
يانفس :
لو كنت تعقلين ,
وعلى الواقع تشهدين لعرفت حقيقة الدنيا وأنها لحظات ،
سرعان ماتزول وتتفلت لحظاتها من أيدينا ،
فهذه السنوات التي من مضت من عمري ذهبت لمح البصر أوهي أسرع ،
وانقضت من عمري دون أن أشعر .
كم عمرك اليوم
عشرون أو ثلاثون أو قد بلغت الأشد
وهو الأربعون
وأخشى أنك قد قربت الخمسين
أو ربما حطيت رحالك عند معترك المنايا وبلغت الستين ،
بالله يانفس أليست قد مرت سريعة ؟
وانقضت مهرولة هرولت فظيعة ؟
يانفس :
قد غرتك الأماني ،
وسولت لك أمَّارتي بالسوء أن مهلة الإنتهاء من دنياي بعيدة ،
وساعة رحيلي منها غير قريبة ,
فلعلي أحاكمك لما لاتستطعين إنكاره :
ألم تقبري – يانفس – قريب أو صديق كان دونك في العمر ؟
ألم تواري جثمان طفل رضيع لم يبلغ الحنث ؟
كم خلّفت خلفك في المقابر من فتاة نضرة ؟
ودفنت بعدك شاب قد امتلئ بالقوة ؟
يانفس هذه قبورهم شاهدة عليهم ،
وآثارهم حاكمة بفنائهم
أُتراك بعدهم تُخلّدين ؟
أم أنك للموت تستبعدين ؟
وسأحاكمك أيضا – يانفس -لما لا نختلف عليه :
أوليس في مثل هذا اليوم للعام القادم سيكون أعدادا من البشر تحت أطباق الثرى
مرهونين وعن الأعمال محبوسين
أجيبي فلماذا تهربين ؟
فمن ياترى منا ومنهم سيحيا ،
ومن منهم سيكون تحت أطباق الثرى ؟
يانفس :
قد وعدك الله الصادق الكريم – وهو أوفى من وعد –
أنك إن اغتنمت هذه الحياة القصيرة أن تحيي حياة كريمة لاتعرفين فيها الكدر،
ولاتشعرين فيها بالنكد ،
فكيف تفرطين في عيش رغيد ،
وملك عظيم ،
ونعيم لاينتهي ،
بحياة مليئة بالغصص ،
وعيش قد عبئ بالنكد .
يانفس :
إن غمسة في الجنة تُنسي كل ضيق وهم وبؤس مر بأبس أهل الدنيا ،
فكيف إذا كان هذا النعيم متزايد على مر اللحظات ،
ومضاعف على مضي الساعات .
وبالمقابل غمسة في دار الهوان تُنسي أنعم أهل الغرور كل سرور ذاقوه ،
وكل نعيم اغترفوه ، فكيف بالآم لاتنتهي ، وغصص لا تنقضي ؟
يانفس :
لو قيل لك أنه بإمكانك ارجاع السنين التي مضت لتستدرك مافات لكنت أفرح شيئ بذلك ،
أتدري لماذا ؟
لعلمك أنك كنت على التفريط سادره ،
وللتسوف سائره -
فهذه حقيقتك -
فحتى متى تكوني هكذا ؟
افرحي لأنك في زمان الإمكان فغدا ستكون عندك هذه الأمنية ولكن بغير هذا الحال
- فسينقطع الرجوع وتغلق دونه الأبواب -
يانفس :
كوني رحيمة بي فوربي إنني على عذاب الله لا أقوى
ولسخطه لا أطيق .
عجبا – والله – لي
كيف أشكوا نفسي لنفسي ،
وهل عندي أغلى من نفسي لنفسي ،
فهل تراني أرحم نفسي ؟ |
|
dhkts Z
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|