نوف بنت فهد الزامل *
كثرت المفاهيم والمعتقدات حول مرض السرطان من ناحية نشوئه كانت أم انتشاره، على الرغم من عدم ثبوت صحتها العلمية إلا أنها قد تكون مقنعة في بعض الأحيان لدى عامة الناس، وللأسف تزيد هذه المعتقدات من قلق المريض المصاب كما تؤثر سلباً على قرارته العلاجية.
ولتصحيح بعض من هذه المفاهيم الشائعة علينا تفنيدها فمثلاً الاعتقاد بأن الإصابة بالسرطان تعني الموت المحتم، في حين أن نسب الشفاء التام من السرطان بأنواعه المختلفة تزداد بالكشف المبكر والسعي وراء العلاج، كما تختلف استجابة الحالات المصابة تبعاً لعدة عوامل، منها: العمر، الصحة العامة، مرحلة السرطان وشدته.
والاعتقاد بأن السرطان مرض معدي، في حين أن السرطان لا ينتقل من شخص لآخر، بينما أشارت دراسات إلى احتمالية الإصابة به في حال زراعة الأعضاء، وذلك عند تلقي الشخص عضوا من شخص آخر سبق وأن أصيب بالسرطان، وأيضا في هذه الحالة فإن خطر الإصابة يبقى منخفضاً، ويٌقدر بإصابة حالتين فقط من بين عشرة آلاف حالة سبق وخضعت لزراعة الأعضاء.
واعتقاد آخر أن شدة السرطان تزداد بتناول السكريات، فعلى الرغم من إشارة بعض الأبحاث إلى أن استهلاك الخلايا السرطانية للجلوكوز أكبر من استهلاك الخلايا الطبيعية له، إلا أنه لم يثبت علمياً أن تناول الجلوكوز يزيد من انتشار السرطان أو شدته، أو أن تقليل استهلاكه يقلل من انتشاره أو يساعد على اختفائه.
ثم الاعتقاد بأن المُحلِّيات الاصطناعية تؤدي للإصابة بالسرطان، ولقد تم عمل العديد من الدراسات على مدى سلامة تناول المحليات الاصطناعية المعروفة ببدائل السكر، مثل: سكرين، أسبارتم، سايكلاميت، سكرالوز، اسيسولفام البوتاسيوم، نيوتايم. وثبت عدم وجود دليل على أنها مسببة لأمراض السرطان لدى البشر.
وهناك من يعتقد أن الخضوع للجراحة أو أخذ عينة يساهم على انتشار السرطان، ويمكن القول بأن الجراحين يحرصون على اتباع معايير خاصة أثناء الجراحة لمنع الخلايا السرطانية من الانتشار أثناء خضوع المريض للجراحة بهدف الاستئصال أو أخذ العينة لتأكيد التشخيص.
بينما يعتقد آخرون أن التعرض للهواء يزيد من شدة السرطان، في حين أن التعرض للهواء لا يؤدي لتسريع نمو الورم أو حتى انتشاره لأعضاء الجسم الأخرى.
في حين أن هناك اعتقادا بأن استخدام الهواتف النقالة يؤدي للإصابة بالسرطان، وبحسب أفضل الدراسات المكتملة حتى الآن، لا يسبب استخدام الهواتف النقالة للإصابة بالسرطان، فالسرطان يحدث بسبب طفرات جينية، في حين أن هذه الهواتف تُصدر طاقة منخفضة التردد لا تسبب ضرراً على الجينات.
ومن المفاهيم المنتشرة أيضا الاعتقاد بأن المنتجات العُشبية قد تشفي من السرطان، وقد اقترحت بعض الدراسات أن العلاجات البديلة أو المكملة ومن ضمنها الأعشاب قد تساعد بعض المرضى على تحمل الآثار الجانبية المصاحبة للعلاجات الكيميائية، ولكن حتى الآن لم يثبت وجود منتجات عُشبية معالجة للأمراض السرطانية، وفي الواقع إن تناول هذه المنتجات خلال الخضوع للمعالجة الكيميائية أو الإشعاعية قد يكون ضاراً، لتعارضها مع ميكانيكية عمل هذه المعالجات، ويستوجب على جميع مرضى السرطان مناقشة الطبيب المشرف على الحالة بخصوص تناول أي فيتامينات أو منتجات عُشبية.
وهناك اعتقاد أن الشخص لا يحتمل أن يصاب بالسرطان إذا لم يكن هناك حالات اصابة في العائلة، ويمكن القول أنه تزداد احتمالية الاصابة في حال وجود شخص مصاب في نفس الأسرة، وأن العوامل الوراثية تلعب دوراً في الإصابة بحوالي 5 – 10% من مجمل الأمراض السرطانية، في حين أن النسبة المتبقية من هذه الأمراض 90 – 95% تحدث بسبب طفرات جينية خلال مراحل الحياة كنتيجة طبيعية للتقدم في العمر وأيضاً التعرض للعوامل البيئية كدخان السجائر والإشعاع.
وأخيراً هناك الاعتقاد بأن صبغ الشعر يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وليس هناك دليل علمي مُقنع يشير لارتفاع خطر الإصابة بالسرطان لدى مستخدمي صبغات الشعر، في حين أشارت بعض الدراسات لازدياد خطر الإصابة بسرطان المثانة لدى مصففي الشعر والحلاقين ممن يخضعون للتعرض المستمر لكميات مرتفعة من صبغات الشعر ومواد كيميائية أخرى.
ولنقي أنفسنا وعائلاتنا من مثل هذه المعتقدات الخاطئة، علينا دائما توجيه أسئلتنا للمختصين وعدم مناقشة من يحملون معلومات لا يدركون مدى صحتها ولا حتى خطورتها.
* قسم المسؤولية المجتمعية