د. فهد بن محمد الخضيري *
تعد تقنيات العلاج بالخلايا الجذعية فتحاً طبياً جديداً وحلولاً لأمراض مستعصية تعتمد على إنتاج أعضاء جديدة، بدلاً من علاج واستصلاح الأعضاء المريضة، ويتم ذلك حالياً في المختبرات والدراسات التطبيقية البحثية بنجاح متفاوت وملموس على متطوعين موافقين على ذلك، ولكنه وبسبب قيود أخلاقية علمية وإدارية (كعدم موافقة هيئات المنظمّة للتداوي كهيئة الغذاء والدواء في معظم الدول) فإنه لم يصل بعد إلى حد التطبيق الفعلي على البشر إلا في أمراض محددة كزراعة خلايا دم جذعية لأمراض الدم كاللوكيميا (زراعة النخاع من خلايا نخاعية كاملة) وكذلك بعض الخلايا الجلدية لمرضى الحروق.
وفي الدراسات والمختبر نجحت نوعاً ما وبشكل علمي على مرضى الدراسات والبحوث فقط في زراعة شبكية العين من خلايا جذعية وكذلك جزء من البنكرياس لمرضى السكري، خلايا الأيلتس البنكرياسية وكذلك علاج وإستبدال الأنسجة التالفة بالغرغرينا في مرضى السكري، ونجحت أبحاث في علاج إصابات العمود الفقري وإستبدال أجزاء من الحبل الشوكي وأمراض القلب والكلى والكبد، ولا تزال الأبحاث قائمة ومتسارعة لتطبيقات طبية كثيرة، وهي لم تصبح بعد تطبيقات طبية روتينية بالمستشفيات، ولكنها تلوح في الأفق وستكون متاحة قريباً.
د. فهد بن محمد الخضيري *
والخلايا الجذعية (تسمى أحياناً الجذرية) هي خلايا جنينية أساسية لم تتميز بعد، وجميع جيناتها تقريباً نشطة وقابلة للنمو والتميز لتعطي العضو المطلوب زراعته، وتؤخذ الخلايا الجذعية غالباً إما من العضو الغير مصاب نفسه، أو من النخاع العظمي، أو الحبل السري ودم الحبل السري، أوسوائل المشيمة، وغالباً ما تنجح إذا كانت من نفس الشخص (خلايا ذاتية من نفس جسم الشخص المراد الزراعة له (تسمى ذاتية) وهي الأفضل والأنجح لأنها لا تحتاج معها مثبطات الجهاز المناعي التي يتناولها المريض حينما يزرع له من شخص آخر.
وفي بعض الأبحاث نجحت الزراعة بشكل أقل من عائلة أو أقارب المريض والمشابهين له جينياً والمتطابقين معه نسيجياً، وهذه تحتاج معها إلى مثبطات الجهاز المناعي التي يتناولها المريض حينما يزرع له من شخص آخر.
ورغم التهليل الإعلامي والطبي لهذه التطبيقات المبدئية ونجاحاتها في المختبر (على مستوى الخلية) ثم على حيوانات التجارب وبعض التطبيقات البشرية المحدودة والمشددة على متطوعين موافقين على ذلك ولكن ما كل ما يتمنى علماء الأبحاث يدركونه، فقد ظهرت صعوبات في التطبيق وتفرّعات علمية فسيولوجية جينية أدت إلى كبح شهية بعض الباحثين بسبب التعقيدات والتشّعبات الفسيولوجية والجينية والترابط الشبكي المعّقد بين العضو والوظائف وعلاقته بالأعضاء الأخرى وأوعية الدم والتروية بالدم للعضو والتغذية الحيوية للعضو.... الخ، مما دعى للتريث وإبطاء البحوث علمياً وظهور عوائق غير علمية بسبب إعتراضات أخلاقية وعلمية كالعادة من الجهات المانحة والباحثين المشككين وعلماء الأخلاقيات الطبية المتشددين في التطبيق بحيث ظهرت آراء علمية تحث على التشدد في الحيطة والحذر أثناء البحث العلمي قبل التطبيق لضمان عدم إنطلاق تلك الخلايا الجذعية إلى النمو العشوائي بعد زراعتها بالإنسان (السرطاني الورمي) أو ضبط إتجاه النمو وضمان صلاحية جينات أخرى عديدة ذات علاقة غير مباشرة بالعضو المستنبت من الخلايا الجذعية كالجينات المساندة للتحكم في النمو والمنتجات الجينية البروتينية وجينات ذات أثر طويل المدى مثل جينات دورة حياة الخلية CELL CYCLE GENES وجينات الموت المبرّمج للخلايا APPOPTOSIS.
فالذي يحدث حالياً هو الحفظ والتجميد للخلايا الجذعية من الحبل السري أو سوائل المشيمة، أو من نفس الشخص.. انتظاراً لإعلان النجاح والتطبيق الفعلي ومن ثم الإنطلاق للتطبيق في كل المستشفيات، لذا يجب أن لايخدعك من يزعم حالياً أنه يقوم بزراعة خلايا جذعية هنا أو هناك ففي ذلك تضليل وإستغلال مادي وغالباً ما يقومون بأشياء أخرى كزراعة خلايا الأيلتس للبنكرياس ويزعمون أنها خلايا جذعية ثم يتبين للمريض بعد عدة اشهر فشل ذلك الإجراء وحدوث مضاعفات مرضية، وهذا خطأ أخلاقي وسرقة.
* مركز الأبحاث