كشفت التنقيبات الأثرية التي قام بها فريق من قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار، في وادي العقيق بمنطقة المدينة المنورة، خلال موسم التنقيب الثاني 1433هـ عن قصر يرجع تاريخه إلى القرن
الهجري الأول، إضافة إلى معثورات متنوعة من الفخار والزجاج والأدوات الحجرية وأواني الحجر الصابوني.
وأوضح رئيس فريق التنقيب الدكتور خالد بن محمد أسكوبي، أن نتائج الدراسات الأولية للعناصر المعمارية المكتشفة والمعثورات الأثرية أكدت أنّ القصر يرجع إلى القرن
الهجري الأول وأنه جزء من المنظومة الحضارية لوادي العقيق، مشيراً الى إن قطاع الآثار والمتاحف نفذ خلال موسمين متتاليين تنقيبات أثرية بالقرب من وادي العقيق في الجهة الجنوبية الشرقية وما يسمى حالياً بقصور عروة، وهو عبارة عن تل أثري متوسط الارتفاع تنتشر على سطحه الكسر الفخارية والحجارة البركانية، حيث اكتشف لأول مرةآثار لقصر تبلغ مساحته (40م × 30م) تقريباً، ووجدت معثورات أثرية فريدة ومتنوعة تعود للفترة الأموية من القرن
الأول الهجري.
وعن العناصر المعمارية للقصر افاد الدكتور اسكوبي بأنه تم الكشف عن أساسات معمارية تمثل ثماني وحدات لغرف موزعة داخل القصر، وبنيت جدران القصر بالحجارة البركانية، وتغطي جدران القصر لياسة طينية في بعضها بينما تغطي بعضها الآخر اللياسة الجصية، في حين تغطي معظم الوحدات المكتشفة الأرضيات المدكوكة بالطين، مضيفاً انه تم العثور على مجموعات متنوعة من الفخار والزجاج والأدوات الحجرية وأواني الحجر الصابوني، منها كميات من الفخار المتنوع تضمنت الجرار والقدور والأزيار وأباريق متنوعة وأواني صغيرة كالأكواب والصحون وخزف.
وبين الدكتور اسكوبي أنه تم العثور على كميات من كسر الأواني الزجاجية، تعود لأكواب وقوارير وأواني متفاوتة الأشكال والأحجام، وتحمل بعض تلك الكسر زخارف على أبدانها وهي ذات ألوان متعددة، إضافة إلى مجموعة من الأدوات الحجرية المكتملة وشبه المكتملة، ومنها رحى من الحجر البركاني وقواعد لآنية ومساحن مكتملة.
وقال أسكوبي إن المعثورات المكتشفة لهذا الموسم تضمنت أدوات من الحجر الصابوني بعضها مكتمل، منها مسارج وأجزاء من أواني الطهي وحفظ الأطعمة والمسنات وقواعد لمباخر،إضافة إلى العثور على أدوات معدنية قد تكون استخدمت لأغراض الزينة ومنها قدم إنسان من البرونز قد تكون قاعدة لإناء.
وأضاف الدكتور أسكوبي أن وادي العقيق يُعد من أشهر أودية المدينة المنورة، وهو جزء من تاريخ المدينة المنورة، حيث ذكرته العديد من المصادر التاريخية والجغرافية والدينية ، وسمي وادي العقيق بذلك لأنّ سيله عق في الحرة أي شق، مشيراً إلى أن الكتابات والآثار القائمة في الموقع تدل على وجود استيطان بشري موغل في القدم، حيث بقايا قصور ترجع للعصرين الأموي والعباسي من أشهرها قصر عروة بن الزبير،وقصر سعيد بن العاص، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعد بن أبي وقاص، وقصر سكينة بنت الحسين، كما أقيمت على ضفاف الوادي المزارع الخصبة والحدائق التابعة لقصوره.
ولفت الدكتور اسكوبي إلى أنه في العصر العثماني كان خط سكة حديد الحجاز يمر على جسر يصل ضفتي الوادي، كما يقع على الوادي سد عروة وسد الغابة، موضحاً أن طول وادي العقيق يبلغ (80) كيلومتراً، ويتراوح عمق مجراه بين (10) و(100) متر، بعرض يتراوح بين (100) و(150) متراً، كما يعد مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار لمساحة تقدربـ (4000) كيلومتر مربع، حيث تصب فيه روافد طبيعية من الأودية تزيد على (40) وادياً.