الحــمـيـد ..
]
هو المحمود الممدوح بكل لسان ..
وهو المحمود على كل حال ، إذ لا يُحمد على مكروه سواه ,,
وهو الذي يَحمَد ويُحمدوهو أهل الحمد والثناء ..
ولذا فإن ربك يُحب المدح ، ويُحب أن يُثنى عليه ..
قال عليه الصلاة والسلام : ولا شخص أحب إليه المدحة من الله ، من أجل ذلك وعد الله الجنة . متفق عليه .
وفي رواية : ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه .ربنا المحمود ، ولذا حمِد نفسه بنفسه ، فقال : ( الْحَمْـدُ لِلّهِ ) وصُدّرت بها بعض سور الكتاب العزيز .
والمحمود هو مستحق مطلق الحمد والشكر ..
قال سبحانه : ( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )
والحميد يُحب أن يُحمد بأنواع المحامد القولية والفعلية ، ولذا لما قال سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ ) ختم الآية بقوله ( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .
وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
وأُمِـر نوح أن يقول : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
وبالحمد للحميد لهج الأنبياء
فهذا أبو الأنبياء يقول : ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )
وهذا الابن وأبيه ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ )
بل لهَجَت به الملائكة الكرام ..
( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
ومن أجل ذلك يلهج أهل الجنة بالحمد للحميد
( وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ )( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ )
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )
فربنا جل جلاله يُحب أن يُحمد فهو الحميد ..
مــواطــن الحـمـــد ..
من مواطن الحمد :
في الصلاة ..
في الحديث القدسي " فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي . رواه مسلم .
وفي الصلاة إذا رفع المصلي رأسه من الركوع ..
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوما يُصلي إذ جاء رجل قد حَـفَزه النَّـفس ، فصلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال الرجل : ربنا ولك الحمد حمداً طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ؟ قال : أنا . قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . رواه البخاري .
وابتدرها بضعة وثلاثون ملكا بعـدد حروفها !
بل إن الصلاة - وإن كانت كلها حمد وشكر – إلا أنها تُفتتح بالحمد وتُختتم به
كيف ذلك ؟
تأمل قول المصلي في أشهر صيغ الاستفتاح :
" سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك "ثم يختم صلاته بقوله في الصلاة الإبراهيمية :" إنك حميـــد مجيــد "
فيفتتح صلاته بحمد ربه وتمجيده ، ويختتم صلاته بمثل ذلك .
ومن مواطن الحَــمــد :
إذا قام إلى صلاة التهجد حـمِــد الله ..قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : اللهم لك الحمد ؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قـيّـم السماوات والأرض ومن فيهن .. الحديث . متفق عليه .
وفي افتتاح الخُـطب فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح خُطبه بالحمـد
ومِن مواطن الحمد :
عند الفراغ من الطعام والشراب ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا . رواه أبو داود .
وكان إذا رفع مائدته قال : الحمد لله كثيرا طيبا مباركا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا . رواه البخاري .
وعند النوم ، وعند القيام من النوم ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فَـكَـمْ ممن لا كافي له ولا مؤوي .
رواه مسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده اليمنى ثم يقول : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت . فإذا استيقظ من الليل قال : الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور . رواه الإمام أحمد .
وعند مسلم :
كان إذا أخذ مضجعه قال : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .
وعند لبس الثوب الجديد ..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكل طعاما ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . رواه أبو داود ، وهو في صحيح الجامع .
وعند ركوب الدابة أو السيارة ..
عن علي بن ربيعة قال : شهدت علياً رضي الله عنه أُتي بدابة ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ثلاثا ، فلما استوى على ظهرها قال : الحمد لله ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، ثم قال : الحمد لله ثلاثا ، والله أكبر ثلاثا . سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك . قلت : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، ثم ضحك فقلت : من أي شيء ضحكت يا رسول الله ؟ قال : إن ربك ليعجب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
ومن مواطن الحمد :
وإذا رأى ما يُسرّ به ، وإذا رأى ما يكره ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يُحب قال :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال . رواه ابن ماجه .
ولفظ الحمد شكر وحمـد ..
قال عليه الصلاة والسلام : ما أنعم الله على عبد نعمة فقال : الحمد لله ؛ إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ . رواه ابن ماجه .
وعند رؤية أهل البلاء ..
" من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء " رواه الترمذي .
وعند هداية ضـال ..
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم مات . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري
ومن أعظم مواطن الحمد ..
الحمد عند المصيبة ،قال عليه الصلاة والسلام : إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسمُّوه بيت الحمد . رواه الإمام أحمد والترمذي .
وأعظم مواطن الحمد ما يكون في المقام المحمود ..وأعظم مواطن الحمد يوم العرض الأكبر حينما يقوم نبينا صلى الله عليه وسلم فينطرح بين يدي مولاه ، ويقوم في المقام المحمود فيحمده بمحامد كثيرة .
قال عليه الصلاة والسلام : فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن ، يُلهمنيه الله ، ثم أخرّ له ساجدا ، فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يُسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . متفق عليه .
وإذا دخل آخر أهل الجنة الجنة تدخل على الرجل زوجتاه من الحور العين فتقولان : الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك . رواه مسلم .
فاحرص – رحمك الله – على حمد مولاك فرب حَمْدٍ على شربة أو أكلة يكتب الله لك بها الرضا إلى يوم تلقاه ..
قال عليه الصلاة والسلام : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها . رواه مسلم .
هذا ما تيسرت كتابته حول اسم الحميد ، ومواطن الحمد .وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى .
كتبه /عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
hgpJJlJdJ] >>
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|