ج: مس المصحف على غير وضوء لا يجوز عند جمهور أهل العلم والذي عليه الأئمة الأربعة - رحمة الله عليهم - وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام - أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به من حديث عمرو بن حزم - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه (الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 337)
(كتب إلى أهل اليمن أن لا يمس القرآن إلا طاهر ) .
وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضًا، هذا هو الواجب، وكذلك نقل المصحف أو تحريكه من مكان إلى مكان، لا ينقله إلا من كان طاهرًا، أو إذا تم ذلك بواسطة، كأن يأخذه في لفافة أو يكون المصحف في لفافة فيأخذه بالعلاقة، أما أخذه مباشرة بيديه وهو على غير طهارة فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، وأما القراءة فلا بأس أن يقرأ وهو محدث عن ظهر قلب، أو يقرأ ويمسك عليه القرآن من يرد عليه.. ويفتح عليه فلا بأس، لكن الجُنُب لا يقرأ؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لا يحجزه شيء عن القراءة إلا الجنابة، فروى أحمد بإسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط وتلا شيئًا من القرآن وقال: ( هذا لمن ليس بجنب أما الجنب فلا ولا آية ).
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 338)
المقصود أن من عليه الجنابة لا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب، حتى يغتسل، وأما من عليه الحدث الأصغر وليس بجنب فهذا يقرأ عن ظهر قلب، ولا يمس المصحف.
وهنا مسألة تتعلق بهذا وهي الحائض والنفساء وهل تقرآن أم لا تقرآن؟
في ذلك خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: لا تقرآن، ومنهم من قال: تقرآن عن ظهر قلب دون مس المصحف؛ لأن مدتهما تطول أي مدة الحيض والنفاس وليس مثل الجنب حيث يغتسل في الحال ويقرأ، لكن فترة الحيض قد تطول وتصل إلى عشرة أيام أو نحوها، والنفساء كذلك تطول فترتها أكثر، فالصواب لا مانع من قراءتهما عن ظهر قلب، وهذا هو الأرجح فقد ثبت في الصحيحـين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما حاضت في الحج:
( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ).
والحاج يقرأ القرآن ولم يستثنه النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على جواز القراءة لها، وهكذا قال لأسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في الميقات في حجة الوداع، هذا يدل (الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 339)
على أنها تقرأ ولكن دون مس المصحف.. وأما حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن ) فهو حديث ضعيف في إسناده موسى بن عتبة ، وفي إسناده ابن عياش عن موسى بن عتبة ، وأهل العلم بالأحاديث يضعفون رواية موسى ، ويقولون: إنه جيد في روايته عن أهل الشام بلاده، ولكنه ضعيف في روايته عن أهل الحجاز ، وهذا الحديث من روايته عن أهل الحجاز فيكون ضعيفًا. http://www.alifta.net/fatawa/fatawaD...=1&PageID=4829