اللهم منزلَ الكتاب...!
،*
دعواتٌ حرّى، وكلمات عطْشَى لهج بها المختار صلى الله عليه وسلم في مَعمعة الأحزاب، والقوم المتجمعين، والرعب الشديد، والبرد القارس، وقد زُلزلوا وابتُلوا ابتلاء شديدا...! إذ زغزد الخوف، واشتعل القلق، وتراكم الحزن على جماعات منهم...!
(( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الخناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا سديدا )) سورة الأحزاب .
فدعا والدعاء فرج، وابتهل والابتهال سبب، وتضرع والضراعة فتح، وأناب والإنابة انتصار، وبقدر النوايا الحسنة، والمقاصد الصادقة، يفتح الله، وينصر عباده، ويذل القوم المعتدين...!
فالدعوات الصادقات مفاتيح للنصر والتمكين القريب..!
فلم يعتدِ رسول الله، ولا جاء بمنكر من القول وزور، وإنما جاءهم بهدايتهم وسعادتهم،(( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين )) سورة المائدة .
فأبوا إلا الضلال المبين، والتمسك بتراث الأقدمين، فحاربوه وحاربهم، وناصبوه وناصبهم، ثم غزوه متحزبين، ومجتمعين، بطرا ورياء الناس...! وفي زعمهم غلبة الإسلام، أو قتل رسول الله، او احتلال المدينة...!
فقهرهم الله بقوته، وأذلهم ببأسه، وعلّم رسوله دعاءه والاستنصار به ..
(( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب..)) سورة البقرة .
(( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم..)) سورة غافر.
(( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر..)) سورة القمر.
(( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق...)) سورة الأعراف .
(( إذا لَقِيتُم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا..)) سورة الأنفال .
(( فلما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا...)) سورة البقرة .
وفي الصحيحين عن عبد اللَّهِ بْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا ، انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا قَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ) .
ثُمَّ قَالَ : ( اللهم مُنزلَ الكتاب، ومجريَ السحاب، وهازمَ الأحزاب، اهزِمهم وانصُرنا عليهم ).
قال العلماء: إنما قال منزل الكتاب إشارة إلى قوله تعالى: (( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم))سورة التوبة . وبالكتاب تمت النعمة الأخروية وهي الإسلام وحيا به الناس.
وبقوله: مُجري السحاب، قدرته الظاهرة في تسخير السحاب وانتقاله من جهة إلى أخرى، وكأن في حركته إعانة للمجاهدين في قتالهم،،،! وقيل بل السحاب إشارة إلى النعمة الدنيوية وحفظ الأرزاق.
وهازم الأحزاب أراد بها تحقيق التوكل واعتقاد أن الله هو الواحد النصير والمنفرد بالفعل، والنصر منه وإليه تبارك وتعالى، وبه يحصل حفظ النعمتين.
وفي رواية: دعا رسول الله على الأحزاب، وفيها( سريع الحساب ). ومعناها : سرعته بمجئ وقته، أو سرعته يوم القيامة في الخلائق .
وفي صحيح البخاري عن أبي هُريرة رضي الله عنه : أن رسول الله كان يقول (( لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزابَ وحده، فلا شئ بعدَه )) وهو إشارة إلى جموع الأحزاب وما كان منهم من تحالف وتربص ومكائد..!
وفي ظل الهجمات الاستعمارية على الأمة، كما نشاهد في سوريا وقبلها العراق وفلسطين، وما جرى مؤخراً من تدخل الدب الروسي، والبلاشفة الحمر الأوغاد، في الشام، فنحن في أمس الحاجة لإعداد العُدة، وشحذ القوة، ومنها الدعاء، ومد أكف الضراعة إلى الواحد الأحد، باستدرار، النصر واستنزال الفتح المبين، فالله وعد عباده ولا مخلف لوعده(( إنَّا لننصر رسلنا والذين آمنوا )) سورة غافر . فنحن إزاء تحالف (صليبي باطني بلشفي)، قد تحزبوا في مقاصدهم، واجتمعوا في ولوغهم في دمائنا ، فليس لنا إلا المقاومة الصارمة، والدعاء الحثيث.
وفي تركنا للدعاء، أو إهماله في المعركة، نقصان من ديننا وتوكلنا، فقد صح قوله صلى الله عليه وسلم (( الدعاء هو العبادة )) كما عند أبي داود والترمذي.
ولذلك هو جوهر للإيمان والحياة، وحلية يزينهما، وليس حيلة للعجز والاستضعاف كما يظن بعضهم..!
وفي ترك الدعاء مساوئ، منها :
١/ الاستسلام للواقع المعيش، والرضا بتسلط الأعداء .
٢/ ضعف الإيمان ونقص التوكل، واعتقاد تقاصر الدعاء عن التأثير في الحياة وقلب الموازين الراسخة عند الناس .
٣/ تربية الأجيال على الأسلحة المادية ونسيان السلاح المعنوي العزيز، بعزة الله وجبروته وقهره، وقدرته سبحانه على تبديل الأمور، وقلب المضرات إلى مسرات...!
٤/ قطع الصِّلة بمن بيديه الفتح والتأييد والظهور القاطع، وربما نتج عن ذلك سوء الظن في وعد الله ونصره والمبشرات المتنوعة، وفي الحديث (( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه )). وما أروع قول بعضهم :
وإني لأدعو اللَّهَ حتى كأنني// أرى بجميل الظن ما اللهُ صانعُ ٥/ الالتفاف بجلباب العجز والتكاسل، صح قوله صلى الله عليه وسلم(( أعجز الناس من عجز عن الدعاء )). رواه الضياء في المختارة والطبراني بسند حسن .
٦/ حصول الحزن والكآبة لأن الدعاء باب رحمة وسرور، وترياق أحزان وشقاوات.
٧/ انسداد الأفق، والشعور بتعثر المسار والحال ، والركون للنفوس وأحلامها فحسب،،! على أن أمتنا هزيلة مادةً وروحا، فهي بحاجة للدعاء بصلاح الأحوال، والنصر على الأعداء .
٨/ خسران القوة الحقيقية للأمة في تعلقها بربها تعالى وعقد الآمال عليه في جمع الصفوف وتوحيد الجهود وسد الثغرات . وفي الحديث (( يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ))!!
٩/ التعرض لمغضبة الله، فقد صح في الحديث (( من لم يدعُ الله يغضب الله عليه )) رواه الترمذي.
واستظهره بعضهم بقوله الجميل:
لا تسالنَّ بُنيَ آدَمَ حاجةً// وسلِ الذي أبوابه لا تُحجبُ
اللهُ يغضب إن تركت سؤالَه// وبُنيُّ آدَمَ حين يُسأل يغضبُ فلنعي جميعا، أن مسألة الدعاء أكبر من تصور بعضنا الصغير، يُستجلى بها الصدق والتوكل والإيمان، وتكتمل به العبادة، وليست مجرد مفتاح للرزق والثواب.
ومضة / الدعاء صلة وصلوات، وطاقة وانتصارات..!
،*
|
|
|
|
hggil lk.gQ hg;jhf>>>! hggil
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|