تأمل مشهد تلك السيارة الفارهة ذات الطراز الفاخر وهي تقف في إشارة مرورية مزدحمة فيسارع إلى نافذتها الداكنة ذلك المتسول بالي الثياب، رث الهيئة، أشعث الرأس، يمد يده ليسأل ذلك الرجل الذي تبدو عليه آثار النعمة صدقة لله .. فيخرج الرجل الثري يدًا ناعمةً تزينها ساعة ثمينة من ماركة عالمية شهيرة ليضع في يد الفقير الخشنة ما جادت به نفسه، هذا المشهد في تناقضه الحاد يعطي مثالًا واضحًا لمدى التفاضل الدنيوي بين الناس: { انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } [الإسراء من الآية:21] هذا التفاضل الشديد والفروقات الاجتماعية والمادية الهائلة، التي نشهدها في الدنيا لا تعد شيئًا يذكر من تفاضلات الآخرة والمسافات الشاسعة بين درجاتها { وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا } [الإسراء من الآية:21]. إنها أيضًا فوارق ودرجات ..
لكنها فوارق مختلفة ودرجات متباعدة، لا علاقة لها بفوارق الدنيا المادية.
ولربما تفاضل نفس الشخصين المذكورين في المثال، فكان ما بينهما في الآخرة أشد تفاوتًا.
لكن التفاضل هناك ليس بالمال وعلو الدرجات، ليس بالثراء, إنه: العمل، والتماس مرضاة الله.