* قرَّرَت أن تحفَظَ القُرآنَ الكريم ، وبدأت فِعلاً في حِفظِهِ وبعد فترةٍ مِن الوقتِ توقَّفَت وقالت : أشعُرُ بأنِّي نسيتُ ماحفظتُهُ ، فإنِّي لا أُراجِعُه ، ولا أدري ماذا أفعل * قرَّرَ أن يطلُبَ العِلمَ ، وبدأ يَحفَظُ بَعضَ المُتونِ العِلمِيَّةِ ويَقرأُ بَعضَ كُتُبِ العِلمِ ويَسمعُ لبَعض المَشائِخِ والعُلَماءِ وبعد فترةٍ مِن الوقتِ توقَّفَ, ومَرَّت السَّنواتُ تِلْوَ السَّنواتِ وقد نسِيَ ما حَفِظَه ، ولم يُكمِل ما بدأ قِراءَتَه = قُلتُ : لَعلَّهُ إنْ استمرَّ في طريقِهِ ، ولم يتوقَّف ، لَكانَ مِن طُلَّابِ العِلمِ المُجتهِدين ، ولَتقدَّمَ خُطُواتٍ في طريق العِلم * كانت تقرأُ في كُتُبِ العِلمِ ، وتُدَوِّنُ مِنها الفوائِدَ ، وتقومُ بتفريغِ بَعضِ الأجزاءِ المُهِمَّةِ مِن الأشرطةِ التي تسمعُها، وتُواظِبُ على مُراجعةِ سِتَّةِ أجزاءٍ مِن القُرآن الكريم يوميًّا فتختمُهُ كُلَّ خمسةِ أيَّامٍ وتشعُرُ براحةٍ كبيرةٍ ، واطمئنانِ نَفسٍ وهِيَ تفعلُ ذلك, ثُمَّ تغيَّرَ حالُها ، وتبدَّلَ أمرُها وأصبحت لا تقرأُ مِن القُرآنِ إلَّا قليلاً ، ولم تَعُد تُحافِظُ على وِرْدِها اليوميِّ , ولم تَعُد تقرأُ في كُتُبِ العِلمِ كما كانت بل أصبحت تشتري الكُتُبَ ، وتحتفِظُ بها فقط دُونَ أن تفتحَها كُلُّ ما في الأمرِ أنَّ نَفْسَها تتوقُ للقِراءةِ ، وتودُّ أن ترجِعَ كما كانت لكنْ هل مِن قرارٍ جريءٍ ؟! وهل مِن عَزيمةٍ قويَّة ؟! *قالت : سأختمُ القُرآنَ في رمضان عَشرَ مرَّاتٍ على الأقلّ فقوِيَت هِمَّتُها في الأيَّامِ الأُولَى منه ، ثُمَّ لم تُنجِز ما كانت تصبُو إليه .
كم مِن الأُمورِ في حياتِنا بالإمكانِ أن نُنجِزَها في وقتٍ قِياسيٍّ ! وكم مِن المَهامِ يُمكِنُنا تحقيقُها بكَفاءةٍ ! وكم مِن الأهدافِ يُمكِنُنا الوصولُ إليها بسهولةٍ ! لكنْ تنقُصُنا الهِمَّةُ ، وتُكبِّلُنا ذنوبُنا ليس المُهِمُّ أن تفعلَ شيئًا كبيرًا ، أو أن تُحِقِّقَ إنجازاتٍ كثيرةً لكنْ المُهِمُّ أن تُواظِبَ على العَمل ، وأن تُكمِلَ مابدأتَهُ لا أن تقومَ به مَرَّةً أو مرَّتين ثُمَّ تشعُرُ بشيءٍ مِنالفُتُورِ وتتركه أو تتكاسَل عنه أو تفعله وأنتَ غيرُ مُحِبٍّ له أو غير مُقتنِعٍ به .
هُناك عوائِقُ كثيرةٌ قد تقِفُ في طريقِكَ خاصَّةً وإنْ حقَّقتَ نجاحًا في عملِكَ ومِن هذه العوائِق : • الشَّيْطانُ ، فقد يُوَسْوِسُ لَكَ أنَّ عملَكَ لن يُقبَل ، فلِمَ تُتعِبُ نَفْسَكَ ، وتُضَيِّعُ وقتَكَ فيه ؟! وقد يُوهِمُكَ بأنَّه عَملٌ يَسيرٌ ليس له تأثيرٌ ، أو أنَّ هُناكَ مَن يَقومُ بأعمالٍ أفضلَ منه فمَن أنتَ لِتَقِفَ في صَفِّهِم ، أو تُحاوِلَ الِّلحاقَ بِهم ! وقد يُزيِّنُ لَك عَملَكَ ويُظهِرُهُ لَكَ في أجملِ صورةٍ ؛ حتَّى تغترَّ بِهِ ، وتنخدِعَ في نَفْسِكَ فلا تُحاوِلُ أن تُطوِّرَ فيه أو تُحَسِّنَه ، وتنظُر بدُونِيَّةٍ لأعمالِ غيرِكَ وتَحقِرها . • الهَوَى ، فيَجعلُكَ تميلُ لِمَا تُحِبُّ ، وإنْ كان سيُسَبِّبُ لَكَ الفَشل ، وسيُعِيقُ مَسيرةَ تقدُّمِكَ . • أصدقاءُ السُّوءِ ، الذين يُقلِّلونَ مِن عَملِكَ ، ويَحقِرُونَه ،ويُحاولونَ تثبيطَكَ . • عَدَمُ تحدِيدِ الهَدَفِ أو الغايةِ مِن عملِكَ ، فتكونُ مُتخَبِّطًا، تتحرَّكُ بعَشوائِيَّةٍ ، وتعملُ بلا ترتيبٍ . • عَدمُ اتِّباعِ الوسائِل المُناسبةِ للوصولِ للغايةِ وتحقيق الهَدفِ المَرجُوّ . • عَدمُ إخلاصِ النِّيَّةِ في العَمل . • التَّسويفُ الدَّائِمِ ، وعَدمُ المُبادرةِ والمُسارعةِ إلى الخَير . • الجُلُوسُ الطَّويلُ أمام التلفزيون أو الحاسُوب ، فيَضيعُ الوقتُ دُونَ تحقيقِ شيءٍ نافِعٍ على أرضِ الواقِع . • المُقارنةُ بين النَّفْسِ وبين الغَيْر ، والمُفاضلَةُ بين الأعمالِ التي يُنجِزُها الشَّخصُ وبين أعمالِ غَيْره فيَراها أفضلَ مِن عَملِهِ ، ورُبَّما رأى العَكسَ ، فجاءَ عملُهُ غَيرَ مُتقَنٍ، ورُبَّما أصابَه الفَشل . • ابتغاءُ الشُّهرةِ أو الجَاه أو المال أو المنصب مِن وراءِ العَمل ، فيفتقِدُ العَملُ لرُوح الإخلاصِ ، ولا يَخرُجُ بنتيجةٍمُرضِيَة . • الغَيْرةُ ، فرُبَّما قامَ الشَّخصُ بالعَملِ غَيْرةً على بَعضِ أقاربِهِ أو أصحابِهِ ، فأصبحَ عَملُهُ غَيْرَ مَدرُوسٍ ، وخالِيًا مِن الحُبِّ والرغبةِ في الإنجاز والعَطاءِ . • عَدمُ تقبُّلِ نُصحِ الآخَرينَ مِن ذَوي الخِبرةِ في العَمل ، والتَّكَبُّرُ عن سُؤالِهم عند الحَاجة
ولِكَي تُحافِظَ على هِمَّتِكَ عالِيَةً ، بعيدةً عن الفُتُورِ والكَسَلِ ، عليكَ بالآتي : ♦ أخلِص نِيَّتَكَ للهِ عَزَّ وجَلَّ ، ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ البينة/5 . ♦ لا تلتفِت لوَسْوَسةِ الشَّيطانِ ، واهزِمه بالمُضِيِّ في طَريق الخَيرِ ، مُستعينًا باللهِ عَزَّ وجَلَّ . ♦ حَدِّد هَدفَكَ ، وليُكُن هَدفًا دِينيًّا عالِيًا . ♦ ابدأ في اتِّباع الوسائلِ التي تُعينُكَ على تحقيقِ هَدَفِكَ . ♦ لا تجعَل أعمالَكَ مُرتبطةً بالأشخاصِ . ♦ إنْ أخفقتَ يومًا ، فلا تيأس ، واستعِن باللهِ تعالى ، وحاوِل مِن جَديد ، فهذا بدايةُ طريق النَّجاح . ♦ اقرأ في سِيرةِ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وصحابتِهِ , وسِيَرِ سَلَفِنا الصَّالِحِ ، وشأنِهم مع عُلُوِّ الهِمَّةِ ، ومُحاولَةُ التَّاسِّي بِهم . ♦ صاحِب الصَّالِحينَ ، الذين يَرفعونَ هِمَّتَكَ ، ويُقَوُّونَ عَزيمتَكَ ، ويُعاونُونَكَ على الخَير . ♦ لا تلتفِت للمُثبِّطِين ، الذين يُضعِفونَ هِمَّتكَ ، ويُصيبونكَ بالإحباط . ♦ ادعُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ ، واسأله التَّوفيقَ والسَّدادَ .