04-04-2014, 01:08 AM
|
|
|
|
|
ريادة فنية وتاريخية فى فن الكاريكاتير
" ريادة فنية وتاريخية فى فن الكاريكاتير "
تكشف الدراسات الأنثريولوجية للجداريات والبرديات الفرعونية
أنها تدخر التراث الحقيقى لفن الكاريكاتير ،
وهذا يعنى أنها أول نموذج فنى لهذا الفن فى العالم ..
فالفراعنة هم رواد هذا الفن ومبدعوه .
فهو يرجع فى لوحاتهم إلى ما قبل خمسة الآف سنة
وهذا ما تؤكده اللوحات الموجودة الآن فى مصر ..
فقد وجدت رسومات كاريكاتيرية حقيقية تحمل مقومات
هذا الفن بجلاء ووضوح وتؤسس لنشأته الفرعونية فى آثار
الذين يصورون الآسرى الأجانب بطريقة ساخرة ،
تحمل مقومات وأسس فن الكاريكاتير ..
فحين كانت السلطة الفرعونية القائمة فى ذلك الحين
تحرم وتمنع السخرية من المقدسين كالملوك والكهنة
نجدها كانت تسمح للفنانين بأن يعبروا برسوماتهم الساخرة
عن أعدائهم المهزومين ، وأسراهم مما يعنى هزءاً من قوتهم وجنديتهم ..
فمواقفهم فى الأسر مبعث للذل والسخرية ،
وكانت أولى هذه الرسوم الكاريكاتيرية تجسد ما يضحك من أولئك
" وهى ترينا حزمة من البصل أو غيره وضعت بين كتفى الأسير
بدلاً من رأسه ، أو رأس **** على عازف الناى فى إحدى الفرق
الموسيقية ، وثمة قطع من الفخار ، والأحجار الصلبة ..
ترجع إلى عام ١٢٥٠ قبل الميلاد . تصور ثعلباً يرعى قطيع من الماعز ،
وذئباً يقود قطيعاً من الأوز ، وهناك رسمٌ آخر لفرس النهر
يجلس على قمة شجرةٍ عالية ، فى حين يحاول النسر الصعود
ويتجلى فى مضمون هذه الرسوم ملامح وأسس التطور المبدع
لفن الكاريكاتير بصفته تعبيراً عن موقف ناقد ساخر ،
يوظف الضحك أداةً تعبيرية ..
" البردايات الكاريكاتيرية "
لا شك أن متحف الآثار الفرعونية فى مصر
يعد من أغنى تراث الكنوز الفنية على وجه الأرض
وأنفس سجل تاريخى لنشأة الفنون الأولى ،
فهو نبعٌ مدهش للكشوفات المستمرة التى تحرص دائماً
على إعادة كتابة التاريخ من جديد ..
ومن بين النفائس التى لا تحصى يحفظ لنا متحف المصريات
مجموعة برديات تتضمن رسومات كاريكاتيرية تعبر عن مواقف
سياسية وإجتماعية ناقدة توظف السخرية فى تجسيد هذه المواقف ،
ويمكننى من هذا السياق الحديث عن ثلاث برديات ..
- عندما يصير الخادم سيداً
تمثل البردية الأولى جزءاً من بردية ، ترجع إلى عصر الرعامسة
تصور هذه البردية مشهداً هزلياً يعبر عن موقف ناقد ساخر
لإنقلاب القيم والمفاهيم ،
ففى هذه البردية ترى قطة تضطلع بدور مربية لفأر طفل ملفوف بجماله ،
لقد أراد الرسام المصرى القديم فى هذه اللوحة أن يجسد رؤيته للواقع ،
ويعبر عن موقفه الساخر من التناقض الذى يتسرب إلى
المجتمع المصرى فى ذلك الحين ، فصوره
" فأرة أنيقة الملبس ، وفى خدمتها قطط أربع ، وثعالب خانعة
فى خدمة بقرة وقد صورت الفأرة جالسة على كرسى ،
تشرب من كأس تسلمته من قطة تقف بين يديها ، ومن وراء الفأرة
ثم يليها فى الموكب قطة وصيفة ، تحمل فى حنو فأراً طفلاً فى لفافة ،
وتقيه الشمس بمروحةٍ كبيرة ، تحملها قطة آخرى ،
ثم نرى من الناحية المقابلة ثعلباً يحمل جرة معلقة فى عصا
على الكتف على حين يصب آخر من أبريق ثان فى حوض ،
وإلى جانب سيدتهم البقرة تراقب "
- نستطيع أن نقرأ فى هذه اللوحة جملة مقومات الفن الكاريكاتيرى
الذى يعتمد على الحيوانات ،
وتغيير الملامح لتكوين الموقف الساخر من حالةٍ ما ،
وهى هنا تترجم بالسخرية من إنقلاب القيم ،
وتناقض الأدوار الإجتماعية ، والساسية
فقد " حان الزمن الذى أصبح فيه الخادم سيداً ،
فزهقت القيم وتبدلت الأدوار ، وذلك نتيجة الخيانة
التى تسربت إلى القائمين على أمانات قيادية ..
لأنهم أصبحوا يجسدون مقولة : حاميها حراميها ،
وكما يترجمها المصريون أنفسهم "
- عندما يسوس الثعلب الماعز
تشكل البردية الثانية جزءاً من بردية ، يرجع تاريخها
إلى عام ١١٥٠ قبل الميلاد ..
تصور هذه البردية مشهداً كاريكاتيرياً تظهر فيه قطة
يعتريها الزهو والخيلان اللذان يثيران الشعور بالضحك والسخرية
وهى ترعى سرباً من الأوز ، ويغمز من حقيقة العلاقة
بين الحاكم والمحكوم ، ويظهر فى الجانب الآخر ثعلباً
يتخذ أبهة الملك ، وفخامة قيادته يرعى ويسوس قطيعاً من الماعز ..
- نستطيع أن نتقصى من هذه البرديات مكونات حقيقية مثيرة
لفن الكاريكاتير الذى ينطوى على موقف ساخر ناقد
من علاقة الحاكم بالمحكوم ،
وتثير مجموعة إسئلة ناقدة لطبيعة السلطة ،
لأنها تقوم على تناقض وتنافر ..
فالقطة هى التى باتت تقود الأوز
على ما فى العلاقة بين الأوز والقطة من عداء وتنافر وعدم إنسجام ..
كذلك الأمر نفسه لدى الثعل الذى تقوم علاقته مع الماعز
على الإفتراس والعداء وإنما يرعى الماعز ليسمنه ، فيأكله ولا يرعاه
" الحاكم مفترس للمحكوم وليس راعياً له "
تمثل البردية الثالثة جزءاً من بردية دير المدينة
ويصور الفنان فى هذه البردية مشهداً ساخراً ينبع من المفارقة
حيث يبدو فى البردية أسداً فى تمام الهيبة الملوكية ،
وينهمك بكل ملامحه وقواه فى مباراة مع غزال جميل وديع ،
يظهر الأسد ملوء بمشاعر الزهو بالإنتصار ،
بينما الغزال المسكين تسير به الأمور إلى نتيجةٍ حتمية هى نهايته ..
فهو حيوان لم يخلق للمبارزة مع الأسد ..
- نقرأ فى هذه البردية ملامح الكاريكاتير السياسى
من خلال تحول الملوك من مصارعة أندادهم
إلى صراع الحيوانات الوديعة التى لا تمتلك مقومات القتال الملكى ،
وبذلك يبعث الرسام الشعور بالهزء والسخرية
من السياسة التى تتلهى بالإنتصار على الصغار من مجابهة الأنداد
وتشير إلى الإستخفاف بالملوكية التى تفرض سلطانها عندما تعجز
عن مهامها الحقيقية بالسطو على الضعاف ،
وتصويرهم على أنهم أنداد ، فتتمتع بالنصر الوهمى
حين يعز الإنتصار على أعدائهم الحقيقيين ..
فالبردية تترجم مقولة " ملوك بأية حال "
وفق هذا المفهوم تتجلى الأبعاد الكاريكاتيرية فى البردية
التى تجسد موقفاً سياسياً ناقداً وساخراً
هو من صميم الفن الكاريكاتيرى الحديث ..
- من هنا نجد أهمية البرديات المصرية التى تجسد الفن الكاريكاتيرى
لا تتوقف عن قيمتها التاريخية وحسب .
بل يتخطى مضمونها الفنى الريادة التاريخية إلى الريادة الفنية
ففيها يتجلى هذا الفن بكل مقوماته وخصوصياته الفنية الحقيقية
أضافة إلى الفرادة الإبداعية فى تكويناتها
فهى تحمل تعبيراً مبدعاً عن الموقف الساخر الناقد
للسياسة والمجتمع وعيوبهما فى دعوة ضمنية
للإصلاح والنقد اللذين يتأسس عليهما فن الكاريكاتير المعاصر
وهذا يعنى أن هذه البرديات تحمل قيمة تاريخية فنية رائدة
تؤرخ لنشأة فن الكاريكاتير وأسسه ومحتواه ..
|
vdh]m tkdm ,jhvdodm tn tk hg;hvd;hjdv vdh]m tkdm
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:03 PM
|