الحمدلله فكم في الحمد من سعادته لا يعلمها من لا يوفق له ولم يستعشرها من لم يتذوق معاني الحمد بقلبه والصلاة والسلام على أسعد الناس قلبا وأرفعهم قدرا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فقد تتمنى شيئا يملكه غيرك وغيرك يتمنى شيئا تملكه وقد يكون ما تتمناه من حظ غيرك هو سبب تنغيص حياته وأنت لا تعلم .
وقد يكون ما يتمناه غيرك من حظك لست سعيدا به ولا منشرحا به .
هذه أوهام السعادة التي يعيش على ساحلها الكثيرون بل قد يموت البعض وما نال من السعادة إلا أوهامها في حظوظ الآخرين .
من حقك أن تتمنى كل خير ترغبه لا أمنعك من هذا وليس من هذا أُحذرك .
أنا فقط لا أريدك أن تتحسر على ماليس لك ولا أريدك أن تغفل عن تلمح وجه السعادة فيما أنعم الله به عليك أنت دون غيرك .
كل ما في هذه الدنيا من حظوظ هي قسمة عادلة لأن الذي قسمها هو العزيز الحكيم العليم الخبير وهي ليست قسمة مبتورة لا علاقة لها بالحياة الآخرة بل هي قسمة يمتد آثرها في الحياة الآخرة .
بمعنى أن كل سيحاسب على ما كان عنده وعلى نوعية تصرفه فليس حساب الغني كحساب الفقير وليس حساب الوجيه كحساب الوضيع .
فمن أحسن ممن أُعُطي وفضل فله من الله إحسان أعظم من غيره ومن قصر فله عذاب يفوق عذاب غيره.
لو قسمت مالا بين أولادك وأنت عدل تقي مطلع على أحوالهم وتعرف من سرائرهم مالا يعرفه غيرك وتعرف من تصرفهم مالم يحط به غريب عنهم وليس لك تعلق بهذا المال بمعنى أنك غني عنه غاية الغنى هل كنت ستظلم أحدا منهم بشيء ؟!
ولله سبحانه المثل الأعلى تعالى وتقدس فأنى يتصور في قسمته ظلم وقد حرم الظلم على نفسه .
وكيف يتصور في قسمته قصور وهو العليم الخبير.
وكيف يتصور في قسمته محاباة وهو الغني بذاته عن جميع خلقه .
هذا المعنى العظيم تأمله واستحضره في كل شيء في قسمة الدين والتقوى والأخلاق والأموال والأولاد والعلم والجاه وفي كل قسمة .
من أُعطي فبفضل الله ومن حُرم فبعدل الله .
وإن أُعطيت شيئا حُرمه غيرك فاحمدالله واسأله أن لا يكون حظك من العطاء الدنيا .
وإن حُرمت شيئا تريده وتحبه فأسأل ربك أن لا يكون حرمانا أبديا ؛ فلعل الله حرمك منه في الدنيا لحكمة لا تعلمها ثم هو في الآخرة يهبه لك .
خاتمة :اللهم إنا رضينا بكل قسم قسمته وبكل حظ وهبته ؛ اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا وبارك لإخواننا فيما أعطيتهم وزدنهم وزدهم ولا تحرمنا ولا تحرمهم
hgHlkdhj ,H,ihl hgsuh]m hgsuh]m