إن الضحك والفكاهة من نعم الله تعالى علينا لنشعر بالسعادة واﻷنس ، فالمجلس الفكاهي يريح اﻷعصاب ويؤنس النفس ويزيل التوتر ، وكلما كان اﻹنسان جادا فقد اﻷنس بالحياة ، ففي اﻻبتسامة راحة وفي الضحك استراحة ، ومن المهارات التي نوصي بها للتخفيف من أحزاننا وضغوط الحياة أن نستقبل المواقف الصعبة بالضحك والطرفة لنخفف من صعوبتها ووقعها على النفس ، وهذه المهارة تحتاج إلى تدريب في الكبر أو تربية من الصغر. وقد كان علماؤنا يستخدمون هذا اﻷسلوب فقد قيل للشعبي : ما اسم امرأة إبليس ؟ فقال : ذلك نكاح لم أشهده ! فخرج من الموقف الحرج بطرفة ذكية وانتهى الموقف ، بينما كان بإمكانه أن يقول للسائل : أنت تستهزئ بي بهذا السؤال ؟ فيصعد الموقف ويوتر العﻼقة ولكنه أدار الموقف الصعب بمزحة خفيفة ، وفي يوم اعترض على كثرة مزاحه رجل فرد عليه: لو لم نمزح لمتنا بالهم. فالمهارة التي نتحدث عنها ليست باﻷمر الجديد فقد كان علماؤنا يستخدمونها ، بل حتى الصغار يستخدمونها ، فقد أراد غﻼم أن يطلب العمل من رجل فسأله الرجل : بكم تعمل عندي ؟ فأجاب الغﻼم : أن تكفيني طعامي ، فقال الرجل : هذا كثير ، فرد الغﻼم : إذن أصوم اﻻثنين والخميس ، وانتهى الموقف بطرفة ونال الغﻼم ما يريد. وأذكر أن امرأة دخلت علي تشتكي من زوجها وتطلب اﻻستشارة في كيفية التعامل معه فقالت لي : إن والدي بخيل وكان كثيرا ما يغضب على أمي وأحيانا يضربها وفيه سلبيات كثيرة إﻻ أن أمي صابرة ومحتسبة ودائما تأخذ المشاكل الصعبة بالطرفة والفكاهه وتقول (أنا سأدخل الجنة مع زوجة فرعون) وكنا نضحك ونحن صغار عندما نسمعها تردد هذه العبارة ، ثم تضيف وتقول : ويقدر الله لي أن أتزوج من عشر سنوات رجﻼ مثل أبي وفيه مثل سلبياته ، فصرت أجلس كل يوم مع أمي وأقول لها ممازحة (يا ماما صرنا اثنتين.. سندخل الجنة مع زوجة فرعون ) فنضحك جميعا على أزواجنا ، فابتسمتُ لما قالت وقلت لها : إن ما تفعلينه أنت وأمك سيقودكما للصحة النفسية والسﻼمة القلبية وهو أفضل ردة فعل للمشكﻼت الزوجية ، فقالت : نعم هذا ما نشعر به والحمد لله. إن الضحك والفكاهة وقت اﻷزمة فن ومهارة خاصة لو استخدمنا هذا التكنيك في عﻼقاتنا الزوجية أو التربوية فإن الحياة ستبدو أمامنا مختلفة ، وقد تحدث القدماء عن هذا الفن فقيل لسقراط : (من هي أعظم امرأة في نظرك ؟ فأجاب : هي التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره ، وكيف نضحك ونحن نتألم). عندما نضحك على أخطائنا أو نتعامل مع قسوة غيرنا بالفكاهة والطرفة فإننا نخفف الضغط على ذواتنا ونريح أنفسنا ولهذا شجع الخليل بن أحمد الفكاهة قائﻼ : (الناس في سجن ما لم يتمازحوا) ، والقرآن الكريم تعرض لموقف زوجي ضحكت فيه سارة زوجة إبراهيم عليه السﻼم عندما قدم إليه الضيوف وهم المﻼئكة ولم يمدوا أيديهم لﻸكل ، فخاف منهم إبراهيم فلما علم أنهم رسل الله فرح هو وضحكت هي ، قال تعالى (فلما رأى أيديهم ﻻ تصل إليه (أي للعجل) نكرهم ، وأوجس منهم خيفة ، قالوا : ﻻ تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ، وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) فالبشرى جاءتها بعد الضحك . ورسولنا الكريم يدعو كل زوجين للضحك كذلك ويقول (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إﻻ أجرت عليها , حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك )ومعلوم أن اللقمة توضع بالفم مع الدعابة والكلمة والغمزة والتعليق والضحك. فإدارة المواقف الصعبة بالضحك والطرفة مهارة لو أتقناها لتغيرت حياتنا ، وأذكر أن رجﻼ قال لي إن زوجتي سليطة اللسان بذيئة اﻷلفاظ وكلما أخطأت علي أقول لها أنت دليل على أن تربية النفس صعبة والتحكم بالسلوك يحتاج لجهاد ، فتضحك هي وأضحك أنا وننسى الموقف ، وقد قيل (تزوج وﻻ تتردد فإذا وفقت لفتاة تسعدك كنت سعيدا وإن تزوجت من تنكد عليك حياتك صرت فيلسوفا ، وفي كﻼ الحالتين أنت سعيد ) فلنحاول أن نتعلم هذا اﻷسلوب وقد قيل إن بشاشة الوجه عطية ثانية.