الحمد الله الذي أمر المسلمين أن يكونوا جسدا واحدا فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (التوبة:71) والصلاة والسلام على عبده ورسوله القائل ( تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) (رواه مسلم) أما بعد : فإن ما يحدث للمسلمين في كل بقاع الأرض بلا استثاء مأساة سيسجلها التأريخ كما سجل مآسي الأمة في مكان وزمان ، فالمسلمون يقتلون ويأذنون في كل مكان حتى في بلادهم ، أأتحدث عن مصيبتنا في سوريا..؟ام في بلاد الرافدين العراق؟؟ ام في الهند ؟ أم في كشمير ؟ أم في الفلبين ؟ أم في بورما ؟ أم في الشيشان ؟ أم في أفغانستان المكلومة ؟ أم في قضيتنا الأولى فلسطين ؟ إن هناك مصيبة أكبر من كل هذا !! مصيبة هي قاصمة الظهر ، نعم إنها تخاذل الدول الإسلامية حكومات وشعوبا عن القتال لتحرير فلسطين من اليهود لتحكم بشرع الله ، وتحرير أفغانستان من الأمريكان لتحكم بشرع الله ، وكذا باقي أرض الله . إن سكوت حكام المسلمين هو أكبر من مصيبة احتلال الدول الإسلامية ، فإن الظن بالكفرة هو مقاتلة المسلمين وحرب دين الله قال تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاً وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة:8) ولكن ما هو عذر الحكومات الإسلامية ، بل ما هو عذر الشعوب الإسلامية ؟؟ والله لا أعرف لهم عذر ، وإننا جميعا آثمين بهذا السكوت المقيت . وإن التأريخ ليشهد على المسلمين بأنهم تركوا الحجر الأسود يأخذ من مكة قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ أقبل أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي ووضع السيف بالحرم في الوفد واقتلع الحجر الأسود وردم بئر زمزم بالقتلى سنة سبع عشرة وثلاث مئة في ذي الحجة يوم ولم يقف أحد بعرفة وصاح قرمطي يا حمير أنتم قلتم ومن دخله كان آمنا فأين الأمن ؟ قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ جلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة والرجال تصرع حوله والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في يوم التروية الذي هو من أشرف الأيام وهو يقول : أنا الله وبالله أنا ***** أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا
فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا بل يقتلون ، فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم ودفن كثيرا منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام ، وهدم قبة زمزم وأمر بقلع الكعبة ونزع **وتها عنها .. ، .. وأمر رجلا أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه فسقط على أم رأسه فمات إلى النار فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه ، وفي سنة تسع وثلاثين وثلثمائة في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت ، وقد بذل لهم الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا ، ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة وكان مدة مغايبته عنده ثنتين وعشرين سنة ففرح المسلمون لذلك فرحا شديدا . ) أ.هـ إن المسملين لم يدافعو عن الكعبة ، وفرطوا في الحجر الأسود وبقي عند القرامطة ـ لعنهم الله ـ اثنين وعشرين سنة ولم يتحركوا لأخذه بل يدفعون الأموال فقط !!! إن الله دافع عن حرمه بالطير الأبابيل في الوقت الذي لم يكن فيه مسلمين للدفاع عن الحرم أما لما كان هناك مسلمين فكان لزاما عليهم الدفاع عن حرم الله ولكنهم كانوا مثلنا نيام . لقد صدق في أكثرهم قول الله تعالى : (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) (التوبة:46) فهل كره الله أنبعاثنا فثبطنا نحن كذلك ؟؟إننا في زمن ضياع المفاهيم وغلبة الشهوات ، وابتاع الكفار إننا في زمن الغثائية والزبد والفقاعات الهوائة والبلونات الفارغة أننتظر نصر الله ، وكثير من المسلمين يأكل الحرام أويشرب الحرام أوينام على الحرام أويسمع الحرام أوينظر إلى الحرام ؟
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) ونصر الله بطاعته ، فأين طاعة الله ؟ نصر الله لا شك فيه قال تعالى : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:160) هل أطاع الله من تولى الكفار وناصرهم على المسلمين ؟ ألم يسمع هذا قول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (لأنفال:73) وقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ، تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:78ـ 81)
وهل نحن حقا نريد تحرير فلسطين ليحّكم الشرع المطهر ، فيرفع حكم الله أم نريد استرجاع تراب ثم يحكم الكافر ؟؟ أسئلة لابد لها من أجوبة لقد ضرب الإخوة في فلسطين ـ أعادها الله لحوزة الدين ـ أروع الأمثلة في الصبر والجهاد في سبيل الله ، فهذه دراين أبو عيشة تبدأ مرحلة الجهاديات المؤمنات الصادقات ـ كذا نحسبهن ـ وتقول ما نصه : ( يجب أن يعرف شارون أن دور المرأة الفلسطنية لن يتوقف على إنجاب الأبطال وإعداد الشهداء بل تعدي للاستشهاد في سبيل الله تعالى )
ثم تتبعها أختها الصابرة آيات الأخرس ، وما هي بخرساء فقد نطقت وأنطقت حتى الصخر حيث بينت حال الخونة والعملاء إذ قدمت روحها لله تعالى وهم قعدوا خلف الموائد وعلى الأسرة . ثم نسمع بالمجاهد شادي الطوباسي الذي يتخطى أربعين تفتيشا لينطلق من جنيين إلى حيفا فيستشهد في أحد المطاعم وفي ليلة عيد الفصح وكأنه يقول : اليوم يوم عدي وليس يوم عيدكم ، فالجنة موعدي والنار موعدكم بإذن الله . وكأني به يبتسم وهو يتذكر قول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ( لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا ) أخرجه مسلم . أما تلك المرأة التي استشهدت ستة مرات !! تلك المرأة التي قدمت روحها خالصة لوجه الله المرة تلو المرة تلك الصابرة المحتسبة أم محمد فرحات فالله درها تحث أبناءها على الشهادة وتقوي عزائمهم ، وتخوفهم من الله تعالى وترغبهم بالجنة ، وتزرع في قلوبهم محبة لقاء الله
فيستشهد أبناءها الواحد تلو الأخر ولتقدم ولدها السادس قبل أيام ، وكأنها تقول إن كانت الصحابية الخنساء ـ رضي الله عنها ـ قدمت أربع من أبناءها فأنا قدمت ستة ، فأي أم هي ؟؟ وتأتي الأخبار عبر الاتصال الهاتفي وليس عبر وسائل الإعلام الكاذبة الخاطئة ، فنسمع في يوم الأربعاء المنصرم أن في المجاهدين في جنيين دمروا دبابتين وجرافتين وفر الجنود الذين في باقي الدبابات كالجرذان ، وفي نابلس كذلك يفر الجنود من أربع دبابات ، لقد استطاع المسلمين هناك فعل ما لم تفعله الجيوش النائمة والتي لا تنشط إلا على شعوبها . قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (التوبة : 111،112)
وقال تعالى آمرا المؤمنين ومنبها دعاة الإستسلام والخور : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: 123)