بكاء الطفل هي وسيلته للتعبير عن مطالبه أو شعوره بالملل والمضايقة من شيء ما. فهو يبكي عند احساسه بالجوع ، البلل ، الألم ، الشعور بالوحدة او الخوف أو حتى عند رغبته في النوم. تختلف استجابة الامهات والاباء لتفادي صوت بكاء الطفل المزعج مما يحدو بالبعض منهم الى اتخاذ سلوك خاطئ بهز الطفل كمحاولة لاسكاته وفي بعض الاحيان يكون الهز بعنف كنوع من عقابه.
اليوم نناقش موضوعاً يمس حياة معظم الاطفال وخاصة الرضع منهم ممن تعرضوا الى ذلك الاسلوب الخاطئ من قبل امهاتهم او ممن يتولى رعاية الطفل حينما يحس بالاحباط والاستياء من تهدئة الطفل عند بكائه في أغلب الاحيان دون ان يدركن مخاطر ذلك والمشاكل الطبية المترتبة عليه.
يطلق طبيا على تلك الحالة ب "متلازمة الطفل المرتج " Shaken baby syndrome. أول من تعرف على تلك المتلازمة طبيب الاشعة الدكتور John Caffey عام 1946م حيث وجد نوعا بسيطا من النزيف الدموي داخل أنسجة المخ وفي أجزاء من شبكية العين . تلاه الدكتور Norman Guthkelch عام 1971م والذي وجد نزيفا عند بعض الاطفال في الاغشية المحيطة بالمخ دون وجود أي اثر لاصابة خارجية في الجمجمة او في الجسم بشكل عام. في السبعينات والثمانينيات الميلادية شهد العالم تطور أجهزة الاشعة الحديثة كالاشعة المقطعية والرنين المغناطيسي مما مكن العلماء من التعرف على العديد من المشاكل الصحية داخل الجمجمة والتي قد تنتج دون حدوث اصابة خارجية واضحة.
في عام 2005 م استمعت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة الى اربع اتهامات لاباء تعرض اطفالهم الى نزيف دماغي نتيجة "الهز بعنف" وقد توصلت اللجنة الطبية المشكلة في المحكمة أن الثالوث الكلاسيكي: نزيف الشبكية، اعتلال الدماغ الحاد ونزيف الاغشية المحيطة بالمخ ليست دليلا قاطعا على تعرض الطفل لمتلازمة الطفل "المرتج" وأن ذلك يحتاج لدعمه بالقصة المرضية الكاملة للطفل وتأكيد تعرضه الى نوع من العنف سواء كان مقصودا او غير مقصود. لذا فان تشخيص الحالة يحتاج الى تكامل القصة المرضية مع نتائج الفحوصات الطبية.
تعتبر متلازمة هز الطفل من انماط الاساءة الى الاطفال والتي قد ينجم عنها تلف خلايا الدماغ وفي بعض الاحيان الى الوفاة . مايتراوح بين 20 - 30% من حالات تلك المتلازمة ينتج عنها الوفاة.
حوالي ثلث الاطفال الذين يتعرضون لذلك النوع من الاساءة يتعرضون للاعاقات والمشاكل الصحية الاتية:
• العمى الكلي أو الجزئي
• صعوبات التعلم وعدم الكفاءة في التحصيل العلمي
• اضطرابات النمو
• التخلف العقلي
• التشنجات والصرع
• الشلل الدماغي
• استسقاء الدماغ
• صعوبات في الكلام والتخاطب
الثلث من اطفال متلازمة الطفل "المرتج" يتم شفاؤهم بشكل كامل ودون أي مضاعفات حركية او عقلية.
تهدئته بضمه هو التصرف السليم
حسب الاحصاءات حول العنف ضد الاطفال فان الوفيات الناتجة عن متلازمة الطفل "المرتج" تشكل نصف الوفيات الناتجة عن العنف ضد الاطفال بشكل عام .
الاعراض
• صعوبة في التنفس
• فقد الشهية
• تشنجات
• استفراغ
• يكون لون الطفل شاحباً
العلامات
• نزيف في المخ أو داخل العين وخصوصا الشبكية وتحدث مع حوالي ثلاثة ارباع الحالات.
• ضمور في الدماغ والحبل الشوكي
• قد يرافق ذلك احيانا كسور في الجمجمة او الاضلاع
• ارتفاع الضغط داخل الجمجمة وبروز "اليافوخ"
• اتساع حدقة العينين
كيف تحدث الاصابة ؟
أكثر الاطفال تعرضا لمثل تلك الاصابات من هم اقل من عمر السنتين رغم انه سجل مثل تلك الحالات حتى عمر 5 سنوات.
الطفل في الشهور الاولى من عمره غير قادر على التحكم بحركة الرأس بسبب ضعف عضلات الرقبة فضلا على أن خلايا الدماغ والاوردة المغذية لها في طور النمو.
الرضيع لايستطيع التحكم بحركة الرأس
يشكل حجم الرأس الجزء الاكبر والاثقل نسبيا في جسم الطفل ومع عدم وجود دعم عضلات الرقبة بسبب ضعفها وعدم اكتمال نموها وتكامل قوتها فان تعرض الطفل للاهتزاز الشديد يجعل الرأس في حركة ارتجاجية خطيرة تؤدي للاضرار الصحية المذكورة سابقا لاسيما مع وجود انسجة غير مكتملة النمو داخل عظام الجمجمة.
التشخيص
بعض حالات متلازمة الطفل "المرتج" قد تمر دون تشخيص دقيق وذلك بسبب ان معظم الحالات لا يكون معها أثر لاي اصابة على الرأس او الجسم بشكل عام لذا فان الفحوصات التالية قد تكون ضرورية خصوصا عند توافر قصة مرضية تدل على امكانية تعرض الطفل لاساءة المعاملة سواء من والديه او ممن يتلقى منه الرعاية المنزلية :
• فحص العين والكشف عن أي اثر لنزيف داخل العين
• عمل اشعة سينية للعظام
• اشعة مقطعية للجمجمة
• رنين مغناطيسي للدماغ ولكن قد يكون هناك صعوبة لعمل هذا الفحص نظرا لانه يستغرق وقتا اطول ويحتاج الى ثبات الطفل وعدم حركته اثناء عمل الفحص
فرضيات تؤيد احتمالية حدوث متلازمة الطفل "المرتج"
• نقص فيتامين C
كان الاطباء يرجحون ان بعض الاطفال الذين اصيبوا بهذه المتلازمة كان لديهم نقص في مستوى فيتامين "سي" مما ساعد بصورة او باخرى في حدوث النزيف عند تعرض الطفل للاهتزاز الشديد. الدراسات والابحاث الحديثة لاتدعم هذه الفرضية فلم يثبت وجود أي علاقة بين حدوث هذه المتلازمة ونقص مستوى فيتامين "سي" لدى الطفل المصاب.
نزيف داخل الجمجمة
• الأطفال الخدج
هم اكثر عرضة للنزيف من غيرهم من الاطفال مكتملي النمو بسبب عدم تطور الاعضاء لديهم بشكل كامل اضافة الى نقص عوامل التخثر لديهم
• قوة الارتجاج
نوقشت تلك الرؤية في أحد المؤتمرات العلمية عام 2001 م لتحديد مدى قوة الارتجاج التي يمكن ان تُحدث النزيف داخل الجمجمة ولكن الحقائق تبين ان الطفل "المرتج" يتعرض الى اصابات في فقرات الرقبة التي يمر خلالها الحبل الشوكي مما يؤدي الى احداث الضرر به وربما الوفاة حتى قبل حدوث أي نزيف في الدماغ وذلك نظرا لضعف عضلات الرقبة وعدم قدرتها على التحكم في حركة الرأس فضلا على أن تكون قادرة على حماية فقرات الرقبة والحبل الشوكي المار من خلالها.
الوقاية
•عدم ترك الطفل عند من لايحسن معاملته من خادمة او غيرها
•محاولة تهدئة الطفل عند بكائه بالطرق التالية :
- التحدث للطفل بهدوء
- حمل الطفل وضمه الى الصدر
- التغيير للطفل ان كان مبللا
- تحضير وجبته ان كان جائعا
- التدليك اللطيف لبطن وظهر الطفل
•في حال عدم كف الطفل عن البكاء يمكن عرضه على الطبيب..