07-26-2015, 07:39 PM
|
|
|
|
|
إدارة المتعة
إدارة المتعة
د . طارق الحبيب
تختلف حاجات البشر وتتنوع ما بين المادية والمعنوية، الذاتية والاجتماعية، وتتشكل مع مرور الوقت كقيمة في نفس الإنسان تهيمن على تفاصيل حياته.
ويغالي البعض في الجدية حتى يتناسى المرونة التي تفرضها متغيرات الحياة؛ فيفقد بذلك مراحل ومحطات في حياته، متجاهلاً ذاته الإنسانية المتطلبة والراغبة للتغير؛ لا لشيء إلا لمتعة التغيير نفسه.
وبينما يهمش البعض حاجاته النفسية ويضيق الحياة بالنظرة المتطرفة الحادة التي تشكل له مخزوناً عالياً من الإنهاك والإجهاد؛ نجد على النقيض مَنْ يتمادى في إشباع رغباته الآنية؛ المعقول منها والمتناقض مع المعايير المتزنة، ويسرف في تلبية الحاجات دون حدود أو ضوابط ودون خطوط ثابتة ترسم له منهجاً في الحياة.
وما بين الفريقين تتولد إشكالية الموازنة، فعندما يفقد الإنسان تلك الموازنة الفطرية، فإنه يقع في أزمة إدارة الذات وفهمها، وبالتالي يخسر كيفية التعامل مع حقوقها وواجباتها.
لقد خلق الله الإنسان كياناً متكاملاً يستحيل فصل احتياجاته ويتعذر تحجيمه داخل أطر صارمة أو مائعة يصعب عليه الحد منها.
وكما يجد الكثير راحته في مقدار ما يقدمه من أعمال تشعره بقيمته وأهميته؛ يفتقد البعض استشعار المتعة عندما لا يوفق بين مستوى عطائه وجهده، وبين استكشاف مواطن رفاهيته وتحقيق مستوى عالٍ من النقاهة النفسية- إن صح التعبير-.
ولقد أشارت مجمل الدراسات النفسية إلى أن العمل الذي تتخلله راحة هو بمثابة رحلة مستمرة من تحقيق النجاحات المختلفة، وفي المقابل فإن افتقاد الإنسان للهدف وعدم إلزام نفسه بأعمال فردية تحقق له مكاسب اجتماعية حيوية؛ يفقده لذة متعة الحياة، مهما كانت إمكانياته المادية أو الشخصية.
ومن ذلك يتضح أن المتعة في أصلها حاجة يشكلها دافع، وبالتالي فلا حياة متناغمة متكيفة بدون أهداف عملية تتخللها متعة ناعمة تتوافق مع الطبيعة البشرية السوية.
وكما أن للأداء والإنجاز مهارات يتحقق من خلالها الرضا؛ فإن للمتعة تقنيات يتحقق معها الصفاء الذهني والاستقرار النفسي والراحة الجسدية.
ولعل الأزمة الحقيقية تكمن في إساءة البعض التعامل مع أوقات المتعة والاستجمام؛ حيث يفشل البعض في استثمار أوقات فراغه ويختصره بجملة "أنها مملة"، ولعل ذلك يشير إلى ما يلي:
استنكار الذات والجري عبثاً وراء تحقيق المكاسب المادية وتجاهل الجانب المعنوي.
الفقد بكل أشكاله: فالشخص الذي تعرض لفقد رمز في حياته، سواء كان شخصاً أو مكانة، يتجنب لحظات الاسترخاء؛ لأنه من خلالها يسترجع مواقف القلق والإحباط.
القلق: حيث يفتقد الشخص القلِق الراحة ولا يجيد التعامل مع لحظات الراحة؛ خوفاً من شعوره بالتقصير أو وصفه بالإهمال.
إن إدارة المتعة تعتمد في المقام الأول على تقبل المتعة كمفهوم وحاجة ورغبة ونشاط حيوي نفسي يكتسب من خلالها الفرد خبرات جديدة في التعامل مع الذات والآخرين، فكلما منح الإنسان نفسه فرصة اللقاء معها في مواقف تأمل واسترخاء كلما كان أكثر اطلاعاً على جديد أفكاره وأهدافه، ويمكن تلخيص فنيات إدارة المتعة بالنقاط التالية:
أن تؤمن أن ليس أفضل العمل هو أكثره عدداً، وإنما أكثره إتقاناً.
بعض الممارسات تبدو صعبة في بدايتها، ولكن مع المحاولة والتجارب تصبح أسلوباً في الحياة.
أنت الشخص الوحيد الذي تعلم ما يناسب ميولك واحتياجاتك، فلا تحاول أن تتبع الآخرين أو تتقمص أدوارهم وسلوكهم بما لا يتوافق مع سماتك وتكوينك الخاص.
اختر لنفسك التغيرات التي تعبر عما تريده أنت.
العطاء مشروع لا يتجزأ: فكما تعطي لذاتك بهجة العمل فهي تستحق التنزه في متع الحياة ضمن ضوابط الشرع والعرف.
المتعة ليست مهمة عليك إنجازها، وإنما حاجة عليك إشباعها.
إن جوهر المتعة هو أن تتحرر من حجم الضغوط وأنت تشعر أنك تستحق ذلك فعلاً.
وفي رؤيتي النفسية أن الاستمتاع الحقيقي هو أن تصطحب في رحلتك المبتهجة من يتوافق معك فكرياً ونفسياً، ويحتضن احتياجك ويتفهم اهتماماتك.
تصرف كما لو كنت سعيداً، فإنْ لم تكن معتاداً للمتعة فستجد صعوبة في ممارستها في بداية الأمر.
أ.د. طارق الحبيب
بروفيسور واستشاري الطب النفسي
الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب
Y]hvm hgljum
خذ عيوني معكـ لا نويت تغيب"بعدكـ مافيه احد يستاهل اشوفهـ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 08:18 PM
|