عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: أثار المقطع الجديد لـ"فتاتَيْ كورنيش جدة" وهما تتجولان بدراجة نارية، وتمازحان الشباب قبيل تصوير واقعة التحرش الشهيرة التي أثارت الرأي العام قبل يومَيْن، وتفاعلت معها الجهات الأمنية والرسمية، وقُبض على عدد من المتهمين فيها، العديد من المهتمين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين حمَّلوا الفتاتَيْن مسؤولية ما حدث من حالات تحرش.
وفيما طالب عدد من المواطنين بمحاولة التوصل للفتاتَيْن ومحاسبتهما من جراء ما بدر منهما من استثارة الشباب، تحدث لـ"سبق" المستشار والمحكِّم القضائي يحيى بن محمد الشهراني قائلاً: "ما صدر من الفتاتين من ركوبهما الدراجة النارية، واستعراضها أمام مجاميع الشباب، وصدور بعض الحركات الموجَّهة من قبلهما تجاه المتفرجين من الشباب (إغواء) و(إغراء) موجب للمحاسبة والتأديب". وأضاف "ليس من العدل قَصْر إجراءات الضبط والتحقيق والإحالة على المتحرشين من الشباب دون اتخاذ الإجراء ذاته بحق من قام بإغوائهم واستثارتهم لفعل ذلك، وهما (الفتاتان)".
وحمَّل الشهراني الأسرة المسؤولية الكبيرة قاصداً بذلك "الوالدين على وجه التحديد" في ضَبط سلوكيات التابعين من أبنائهم، ومراقبة تصرفاتهم. وقال: "إغفال الأب أو الأم لهذا الدور، وتركهما بناتهما - على وجه الخصوص - يستعرضن بمفاتنهن في الأماكن العامة أمام مجاميع الشباب أمرٌ يوجب المساءلة والتحقيق، وقد يقتضي المعاقبة والتعزير".
واتهم الشهراني الجهات المختصة بالمحافظة على الآداب العامة والأخلاق بالتقصير الواضح، وقال: "أعني بذلك على وجه التحديد هيئة الأمر بالمعروف والنهي المنكر، التي كان لزاماً عليها الوجود في مثل هذه الأماكن، وفي مثل هذه المناسبات، التي عادة ما تكون مختلطة بالكثير من الشباب والفتيات".
وعن النظام قال الشهراني: "لا يوجد لدينا إلى الآن نظام مختص يحدد بصراحة التكييف الحقيقي لواقعة ما يسمى (التحرش)، وما قد يعد (تحرشاً) وما لا يعد؛ ولذلك فإن الفعل الصادر من الفتيان والفتاتَيْن إنما يعد في حقيقته (إغواء وإغراء) من قِبل الفتاتَيْن، قابله في الوقت ذاته محاولة التحرش بهن وتجاوز الأخلاق والآداب العامة من قِبل الفتيان". وأضاف "لا يُعد صدور مثل تلك الأفعال إلى الآن من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وإنما يتقرر نظاماً إطلاق المتهمين بعد التحقيق معهم أو أثناء التحقيق بالكفالة الحضورية، على أن تتولى دائرة العِرض والأخلاق بهيئة التحقيق والادعاء العام مهمة التحقيق والادعاء، في حين تتولى المحكمة الجزائية مهمة إثبات الإدانة وتقرير ما تراه مناسباً من عقوبة تخضع في أصلها لاجتهاد القاضي ناظر الدعوى".
وفيما يخص مطالبة بعض الكتَّاب بالتشهير بالشباب الذين ضُبطوا في الواقعة قال: "لا يعضد ذلك نص قانوني أو شرعي، وإنما هو عقوبة تعزيرية راجعة في أصل تقديرها إلى الجهة القضائية المختصة، ولست مع من يميل في كثير من الأحيان إلى محاولة تخطئة الشباب والقسوة عليهم والتشهير بهم دون الفتيات، كما لست ممن يرى أن تحرش الشاب بفتاة قامت بإغرائه أو إغوائه هو من قبيل (التحرش) الذي يطالب البعض بإفراده بنظام خاص".