هل شعرت يوماً برغبة في أن تكون غامضاً غير معروف للآخرين ؟ فلماذا يرغب أحـدنا أن يكون إنساناً غامضاً لا يكتشفه الأصدقاء والزملاء سريعـاً إلا بعد حين من الزمـن ؟ بل لماذا - كما يدعو البعض ويستحسنه - أن يكون استمرار هذا الغموض طويلاً قدر الإمكان ؟ وهل هناك فوائد لهذا الغموض ؟ وكيف يمكن أن نكون غامضين ؟
شخصياً أجد أن الغموض جميل في أن يمارسه أحدنا مع الآخرين في فترة ما من فترات حياته لسبب وجيه وهو أن يدرك موقعه في قلوب الآخرين ، وأين هو بالنسبة لهم .. وبالمثل يمكن أن يتعرف كذلك بهذا الغموض على ما يدور بأذهانهم حوله ..
من هنا يبدو الغموض لهذا السبب جميل وبشكل عام إلا بين قلبين قررا التعارف من أجل هدف أسمى هو إتمام التعارف والعلاقة بالزواج ، وهنا تكون الرغبة في الغموض غير محمودة . إذ بقدر ما تكون الأمور واضحة بينة في مثل تلكم العلاقات ، تكون الحياة الزوجية بعدها أكثر وضوحاً واستقرارا .. وليس هذا موضوعنا .
يقولون بأن هناك وسائل عديدة وطرق منوعة لجعل الآخرين يقضون أوقاتاً طويلة لاكتشافك ، وإليك بعضاً من تلك الطرق ..
- فإن كنت تقرأ كتاباً حول بعض الأمور التي تهتم بها ، فاحرص أن تكون على طاولتك مجموعة أخرى متنوعة من الكتب ، بحيث من يدخل عليك لا يتعرف سريعاً على اهتماماتك . هذه واحدة .
الجد والمزاح أمران مطلوبان ولكن ليس باستمرار ومع نفس الأشخاص . حيث ينصح خبراء العلاقات الإنسانية بأن يكون المرء منا في مثل هذه الحالات جاداً حتى يكاد المحيطون بك يعتقدون أن ليس بالدنيا شخص جاد سواك ، وبالمثل في مسألة المزح وخفة الدم . وهكذا لن تكون معروفاً لا بالجد ولا بالهـزل .. ويستمر على ذلك الغموض .
لا تتكلم كثيراً .. إذ كلما كانت فترات صمتك أطول ، كانت الصعوبة بالغة في فك شفرات شخصيتك . وفي هذا السياق لا تتكلم عن نفسك كثيراً ولا عن أهلك والمقربين منك ، بل احرص أن تكون دائماً البادئ بالسؤال وتشتيت الانتباه إن شعـرت برغبة أحدهم التعرف على شخصيتك وفك أسرارها .
أحسب لو أن أحدنا التفت الى من حوله ، فسيجد أن هناك أشخاصاً غامضون بالأصل ، بل هم لوغاريتمات رياضية يحتاجون إلى ألف خوارزمي كي يفككونها ويتعرفون عليها .. فهل وجدت حولك واحداً منهم ؟ أعتقد أنك وجدت واحداً على الأقل وربما تبتسم الآن باكتشافك هذا.