06-21-2015, 04:39 PM
|
|
|
|
|
الدخيل وكيل الزوارة المالية السابق يتحدث لسبق
يحاور وكيل الوزارة المالية شقران الرشيدي
** لماذا ترسم دائماً صورة مخيفة عن مستقبلنا، وتردد أن مستقبلنا "مجهول" بترول ناضب، وإنسان إنتاجه ضعيف واستهلاكه كبير؟
المستقبل الاقتصادي هو القاعدة الأساسية لبناء مستقبل الأمة، ومهم جداً في مكونها المستقبلي، متطلبات الحياة أصبحت أكثر، والنمو السكاني صار أكبر، واقتصاد السعودية الحالي قائم بشكل كلي على البترول، الذي يمول أكثر من 90% من إيرادات الميزانية العامة، وهو المصدر الأساسي التي يقوم عليه الاستيراد الذي يلبي حاجتنا إلى معظم السلع والخدمات، والعملات الصعبة، وبالتالي فإن كل شيء في الاقتصاد السعودي يقف خلفه البترول، وسؤالي: هل البترول دائم لنا مادامت الحياة؟ الجواب: بالطبع لا. البترول سيأتي يوم وينتهي إنتاجه، وينضب في 30 أو 50 أو 100 عام، هذه حقيقة طبيعية، واقتصادية، وفي المقابل نحن مجتمع نسبة النمو السكاني فيه مرتفعة جداً، وعدد السكان يزداد بشكل سريع، ومتواصل، ومع زيادة عدد السكان يزداد الطلب على جميع السلع، والخدمات. بلادنا أغلبها صحراء لا يوجد فيها أنهر أو بحيرات أو أمطار غزيرة، ومشكلة المياه بدأت تتفاقم. هذه فقط بعض الأمور ذات الطبيعة الاقتصادية التي تجعلني أخشى المستقبل على هذه الأمة، ولا أملك إلا دق الجرس في كل مناسبة.
** ومن القادر على تحريك حياتنا الاقتصادية بعد البترول، من يسندها وينميها؟
في رأيي أن القادر الوحيد على ذلك هو الإنسان، وأعنى به المواطن السعودي المبدع المنتج، وليس الخامل المستهلك. نحن كمجتمع انتقلنا من حالة الفقر، قبل النفط إلى ثراء سهل، وسريع بعد النفط، هذه النقلة السريعة في الثروة بدون جهد منا كأفراد وحكومة أضعفت من قدرتنا على العمل والإنتاج، وزادت من ميولنا إلى الاستهلاك والإسراف لذا أنا خائف من المستقبل، بترول سوف ينتهي، وإنسان يميل إلى الاستهلاك والراحة أكثر من ميله إلى العمل والإنتاج، والاستثمار والادخار.
لا بد من بناء إنسان سعودي منتج، ومبدع قادر على بناء رأس مال مادي، وفكري يحل محل البترول عند نضوبه، لكن بناء إنسان سعودي كهذا يبدأ أولاً وقبل كل شيء ببناء عقله بناء يتناغم مع الإنتاج والإبداع.
وهذا ينقلنا إلى أهم قاعدة من قواعد بناء المستقبل ألا وهي التعليم بجميع مراحله ومكوناته الأساسية.
وهناك شرطان أساسيان لبناء العقل المبدع، والمنتج اقتصادياً: 1- تحرير العقل من قيد الاتباع والقبول بدون برهان وبيان.
2- إعطاء السيادة في المكون المعرفي للعلوم الرياضية، والفيزيائية، والطبيعية وغيرها، إن كان وصفي لحالنا الاقتصادي معبراً إلى حد كبير عن واقعنا فلا تلمني إن خشيت على وطني من المستقبل "المجهول"!
** وهل هذا سبب مطالبتك بـ"نسف" مناهج التعليم، وإعادة ترتيبها؟
نظامنا التعليمي، نظام يحتاج إلى تجديد، وتطوير ليتماهى مع الواقع الاقتصادي ومتطلبات سوق العمل، فالمناهج الدراسية ضعيفة، في مكوناتها العلمية، والرياضية، بينما ينصب التركيز على الأمور النظرية، والأدبية. جامعاتنا أشبه بمؤسسات حكومية لا توجد حرية رأي داخل قاعاتها، ولا يوجد نقاش مفتوح بل تلقين وحفظ.. العقل لا يحفز في الجامعات بل يقبر. والحال هي الحال أيضاً في المدارس الابتدائية، والمتوسطة والثانوية.
المدرسون بعضهم "مؤدلج" له رؤيته الشخصية فيما يجب أن تكون عليه الحياة، وما يجب أن يكون عليه الطالب، والبعض الآخر لا يتلاءم مع مهمة التدريس وبناء الأجيال، وهناك قلة من المدرسين الأكفاء تصارع. الطالب منذ دراسته الأولى لا يؤسس على الفكر النقدي، وعلى السؤال، والمناقشة.
بل عليه أن يأخذ ما يقدم له في المدرسة ويحفظه، وهذا يؤسس لخمول فكري يبدأ مع الطالب منذ مراحل التعليم الأولى. هذه إشكالات في نظامنا التعليمي تراكمت منذ عقود، تنتج مواطناً يميل إلى القبول والاستسلام أكثر من ميله إلى الشك المعرفي، والبحث عن البرهان، وبالتالي فهو غير مبدع وغير منتج.
** لماذا تنادي بالاستغناء عن "ثلث" أجهزة الحكومة الحالية، وثلث الموظفين بالقطاع الحكومي؟
مسألة "الثلث" هي عملية رمزية المقصود منها أن هناك أجهزة حكومية كثيرة، وهناك موظفون حكوميون كثر يزيدون عن الحاجة، وهذا إلى جانب أمور كثيرة أدى إلى انخفاض إنتاجية الموظف الحكومي، وزيادة حجم البيروقراطية، والفساد المالي والإداري.
فعلى سبيل المثال إذا كان القسم في الإدارة الحكومية يتطلب 3 موظفين لإنجاز العمل يعين فيه 10 موظفين، وهذا يطيل الإجراءات، ويعيق العمل، وينقص من إنتاجية الفرد. لا بد من إعادة هيكلة أجهزة الدولة وتقليصها، ودمج بعضها مع بعض، وتخفيض أعداد الموظفين الحكوميين خصوصاً كبار السن، وغير المؤهلين علمياً بإعطاء كثير منهم "الشيك الذهبي"، أي ما يساوي راتبه لعشر سنوات قادمة على سبيل المثال، وترك الفرد يبحث عن عمل خاص أو تجارة خاصة مع تقديم الدعم المعنوي والاستشاري له إن كان في حاجة إليه والتركيز على الموظفين المنتجين القادرين، والراغبين في زيادة الإنتاجية، والعمل، وزيادة رواتبهم لتتناسب مع إنتاجيتهم وعملهم.
اقتصادنا حكومي، فلا يغرنك وجود قطاع خاص، فالأخير يعيش، ويقتات من الأول. وكلما كان الأداء الحكومي من حيث الكفاءة والإنتاجية سيئ، وضعيف كان أثره كبيراً على حركة النمو والاقتصاد بشكل عام.
** يطالب السعوديون بزيادة الرواتب في القطاع الحكومي بما يتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة. فهل تحتاج إعادة نظر لرفعها؟
راتب الموظف الحكومي السعودي مرتبط بالإنتاجية، والإنتاجية ضعيفة ولا يستحقون رفعها. لا بد من تهيئة الظروف التنظيمية، والإدارية التي تساعد الموظف، وتحفزه على زيادة الإنتاجية، والعمل، ومعها زيادة راتبه.
يلاحظ المرء أن الشاب المتخرج يبحث أولاً عن العمل الحكومي رغم تدني الراتب، ويهرب من القطاع الخاص رغم ارتفاع الراتب مقارنة بالوظيفة الحكومية، وهذا يشير إلى أن بعض الشباب يبحث عن الطمأنينة بدلاً من المجازفة، وعن الراحة بدلاً من الكدّ والجهد. العملية معقدة، وترتبط بالسلوك، والحوافز والتعليم. إن انخفاض الراتب الحكومي إحدى ظواهر مشكلة البطالة المقنعة في القطاع الحكومي. لا بد من حلول جذرية، تنظيمية وإدارية.
** تقول: "السعودة هدر لرأس المال البشري السعودي، ألهذه الدرجة السعودة مستحيلة في نظرك؟
السعودة ليست مستحيلة بل الأسلوب سيئ، "السعودة"، وتوطين العمل بأيدٍ وطنية هو مطلب وطني. منذ ظهور نظرية السعودة من سنين قلت إنها بنيت للتعامل مع ظاهر مشكلة البطالة وليس جوهرها.
وطرحت بديلاً. جوهر مشكلة البطالة يكمن في ضعف القدرة العلمية لدى المتقدمين من السعوديين لسوق العمل. لكي نعالج مشكلة البطالة فلا بد أن يتجه برنامج السعودة أساساً وأولاً إلى إعادة تأهيل السعوديين العاطلين عن العمل بدلا من الدفع بهم إلى وظائف لا تسمن ولا تغني من جوع في القطاع الخاص برواتب معظمها هزيلة ومستقبل مجهول. إن إنشاء هيئة ملكية لإعادة تأهيل السعوديين ضمن برنامج داخلي ترصد له مثلاً خمسون بليون ريال سعودي لبناء كليات تقنية على مستوى عالمي، في شمال، وجنوب، وشرق، وغرب، ووسط المملكة، كليات في داخل مدن علمية يتوفر بها السكن للعازب أو المتزوج، مجهزة بمستشفيات لعلاج الطلاب وأهلهم، وذويهم كما هي حال المستشفيات العسكرية.
يلتحق طالب العمل السعودي في برنامج التأهيل العلمي والمهني طويل الأجل 4 سنوات على سبيل المثال بموجب عقد، ويصرف له راتب شهري مُجزٍ خمسة آلاف ريال على سبيل المثال، يلتزم فيه المتدرب بالاستمرار والمتابعة، وتكون هذه الكليات مجهزة ومدارة من قبل جهات عالمية متخصصة في مجال التأهيل المهني، والتقني تشمل جميع التخصصات العلمية، والمهنية لذلك فقد يحتاج الطالب السعودي إلى مرحلة تأهيل لغوية ورياضية قد تصل إلى عامين، لكي يبدأ بعدها التخصص. النتيجة النهائية لهذه الخطة هي إنتاج رأس مال بشري سعودي مدرب خلال عقد من الزمان. هذه هي السعودة الحقيقية إن أردناها حقيقية، وليس توظيف الشباب، والشابات، وهم في عمر التعلم، والتحصيل في وظائف إدارية، وبرواتب لا تكفي حاجتهم الشخصية دع عنك العائلية، هذا في نظري هدر بل قبر لعقول الشباب، وقدرتهم على التطور والتعليم والتدريب. وأخشى ما أخشاه أن هذا هو نتاج السعودة بمفهومها ونظامها الحالي.
** لكن ماذا عن دور رجال الأعمال السعوديين، في توظيف الشباب السعودي ماذا قدموا للبلد، والمجتمع؟
رجال الأعمال دورهم مهم، وأساسي في بناء مؤسسات المجتمع المدني، وتوظيف الشباب في مجال الاستثمار، والتجارة والصناعة وغيرها، فهذا هو دورهم الأساسي ويقومون به كما يبدو بشكل جيد. أما في مجال العمل الاجتماعي والإصلاحي لا أعتقد أنهم يقومون بما هو مطلوب منهم؛ لأنهم أصبحوا جزءاً من آلية الدولة البيروقراطية، لذلك لا تجد نقداً حقيقياً من رجال الأعمال أو الغرف التجارية والصناعية للسياسات الاقتصادية الخاطئة، فهم لا يريدون إغضاب الوزراء والمسؤولين حتى لا يخسروا المشاريع، ويخسروا مصالحهم الخاصة.
هذا سلوك يمكن فهمه إلى حد ما، لكن التمادي به بعيداً على حساب المصلحة العامة والإصلاح أعتقد أنه خطأ كبير، ويعود بالضرر عليهم في الأمد الطويل. نعم الكل يبحث عن مصلحته الخاصة، لكن ليس في المشاركة في الفساد، والسكوت عن الخطأ الواجب إصلاحه، ولو بالكلمة الطيبة.
** هل ترى أن الوقت قد حان لفرض ضرائب على الأرباح العالية للشركات لزيادة مداخيل الدولة؟
الضرائب آلية مهمة من آليات الاقتصاد لأي بلد، ولا يوجد اقتصاد في العالم لا توجد فيه ضرائب. نحن بلد بدون ضرائب بسبب الدخل العالي من البترول. النظام الضريبي مكون أساسي من مكونات المنظومة الاقتصادية، لذا لا بد من بناء هذه المنظومة الضريبية ليكتمل البناء الاقتصادي. تفرض الضرائب على حركة رؤوس الأموال وعلى الأرباح العالية للشركات والأفراد، ويستثنى من الضريبة الفقراء، والطبقات المتوسطة الضعيفة. والضرائب بشكل عام ليست فقط لتمويل نفقات الدولة، وإنما هي أيضاً أداة مهمة في توجيه وإدارة حركة الاقتصاد سواء خلال مراحل الانكماش أو الطفرة، ولكي يكون للنظام الضريبي هيبته، وحرمته فلا بد من أن يقع على جميع من هم ملزمون بالضرائب دون استثناء.
** لماذا استقلت من منصب وكيل وزارة المالية؟
عندما كنت وكيلاً لوزارة المالية لشؤون المالية والحسابات، وضعت نصب عيني هدفاً يتمثل في القيام بإصلاحات ملموسة ذات فاعلية فيما يتعلق بآلية الصرف الحكومي، وخصوصاً الدور الذي يلعبه الممثلون الماليون لوزارة المالية لدى الأجهزة الحكومية المختلفة.
لقد كانت للممثلين الماليين -وأعتقد لا تزال- سلطة مهمة وكبيرة في وقف أو إجازة المصروفات المرصودة في الميزانية لكل وزارة أو جهة حكومية.
وقد كان في ذلك مدخل إلى الفساد المالي، وإعاقة انسياب المصروفات، وإكمال المشاريع، ووددت سد هذا المدخل أو الحد منه. لكنني وجدت مقاومة ممن لديهم القناعة بأهمية بقاء هذا النظام على ما هو عليه، وعندما وجدت أن "الشق أكبر من الرقعة" كما يقول المثل الشعبي، وأن التيار المضاد أقوى مني قدّمت استقالتي
رايكم في هذا المقال ؟
hg]odg ,;dg hg.,hvm hglhgdm hgshfr djp]e gsfr hglhgpm hg]odg hgshfr hg.,hvm djp]e
خذ عيوني معكـ لا نويت تغيب"بعدكـ مافيه احد يستاهل اشوفهـ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 04:35 AM
|