السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الطبريُّ رحمه الله بإسناده إلى ابن إسحاق قال: "لما فصلَتِ العيرُ من مصر استروح يعقوب ريحَ يوسف، فقال لمن عنده من ولده:
﴿ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف: 94].
"إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ":
أوصلته إليه الصَّبا بإذنه تعالى من مسير ثلاثة أيام أو ثمانية أو أكثر.
"تُفَنِّدُونِ":
تُجهِّلوني، وتسفِّهوني، أو تلوموني.
قيل: لما خرجت القافلة من أرض "مصر"، ومعهم القميصُ قال يعقوب لمن حضره: إني لأجد ريح يوسف، لولا أن تسفِّهوني وتسخروا مني، وتزعموا أن هذا الكلام صَدَر مني من غير شعور.
الفوائد:
1- انتظار الغائب بشوق ولهف يجعلك تشعر به إذا قرب قدومه.
2- تعلُّق القلبِ بالحبيب واهتمامُه به يبعث فيه الإحساس بقدومه.
3- الاستعداد لاستقبال الغائب المنتظر يُولد هذا الإحساس والشعور.
الموعظة:
إن للعبادة ريحًا يشعر بها المريدون والمشتاقون، وللعبادة حلاوة لا يذوق طعمها إلا المُنعَّمون.
لطيفة:
كيف ينتبه العبد من نومه في ظلمة ليل، ويترك غطاءَه وفراشَه للقيام؟
إنه الشوق الذي يشعره بقرب الحبيب؛
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾
[السجدة: 16].
رمضان خير غائب ينتظر، قد هبَّت نسائمُه في هذا الشهر الفضيل، يقول المشتاق المريد: "إني لأجد ريحَه لولا أن تفنِّدونِ".
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان.