تختبئ بين طيات وجوههم أفراح وأحزان،
ذكريات كثيرة كبتت في خلجات قلوبهم،
وجوه سكنها الحزن عقب رد الجميل غير المتوقع،
خصوصا ما ان كان صاحب هذا الرد من نفس اللحم والدم.
كانوا الشمعة التي انارت طريقهم نحو الحياة،
ذاقوا الامرين لتربيتم،
امتنعوا عن الأكل لتوفير ما لذ وطاب لهم ،
وعند موعد سداد الدين كانت الفاجعة..
يهم الابن الأكبر بتخطيط من زوجته وبالتآمر
مع باقي إخوته لنقل الأب الحاني
والأم الحنون إلى دار العجزة
وأي دار يمكن أن تحوي هؤلاء المسنين
في حين كانت دارهم التي طالما هموا ببنائها لم تسعهم،
وأبنائهم الذين طالما عانوا في تربيتهم
لم يحتضنوهم في أرذل عمرهم..
دموع الأم التي كانت تذرف كسقوط قطرات الندى
من ورقات الورد عقب اقتلاع جذرها صباحا..
لم تبكِ خوفا من القادم المجهول بقدر ما كانت
تبكي فراق فلذات قلبها..
مع آخر دمعة ذرفتها أمامهم قالت :
"استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه"..
وتابعت "يمه ديروا بالكم ع حالكم"..
الأب العجوز تماسك نفسه رغم هول مصيبته
وظل شامخا رافع الرأس ليبقى في الصورة
البهية التي أراد أن يراها في أبنائه
حتى وإن جار عليهم الوقت كيف لا
وقد أخذ على عاتقه دور المعلم المخلص
لإفادة أبنائه التلاميذ والذي غض طرفه
عن فشلهم بامتحانهم الدنيوي الأخير...