كان الجيران يتبادلون الزياراة .. والمسامرة وتجاذب أطراف الحديث وكانت هذه عوائدهم وطباعهم واسلوب حياتهم .. فالجار يتفقد أحوال جاره ويقضى عنه مشاغله ويساعده في الكثير من الأمور لحد أن يصل الحال أن يدفع عنه مصاريفه ويسد خلله وعوزه وما يصعب عليه من أمور الدنيا وأمور الحياة اليومية وعندما يفتقد جاره في المسجد أو الحارة يهرول ليسأل عنه وهل هو في خيرٍ أو أصابه مكروه كانت حايتهم بسيطة ولكنها مليئة بالحب والتعاون والتألف والتأخي الذي أوصى به رسولنا الكريم وحثنا عليه ديننا الحنيف .. في أكثر من آية وحديث ونحنُ هنا ليس لنستعرض الأحاديثالشريفة أو الأيات القرائنة الكريمة إنما لسرد مواقف الجيران وأحوالهم . . وفي هذا الزمن تغيرت الأحوال وأصبح الجار يتذمر من جاره ويبحث عن خلله وزلته حتى يقع في عرضه وينال منه فياسبحان الله كيف تغير حال المسلمين وأصبحوا أعداءاً بيمنا هم إخوة أخوة في الدين . . اليوم يدعوك جارك فتصد عنه إذا رأيته هربت منه وإن دعوته كانت دعوة لفظية لا تحمل الصدق في محبة زيارته وإن كنت تصر عليه فأنت تخاف أن يثقل عليك بزيارته ويعرف ما لديك وما عندك من أموال أو غيرها أو يطلع إلى بعض أحوالك التي لا ترغب في أن يعرفها أقرب الناس إليك فكيف إن كان جاروك الغريب .. أين ذهبت الجيرة .. أين أصبح حب الجار وأين أضحى مساعدة الجار وتفقد أحواله ؟ هل أصبحت ماضياً لا نرغب في عودته ؟ هل أمسى التعاون مفقودٌ بين الجيران .. أم هل أصبحنا لا نعلم أحقية الجار وما له وما عليه .. حقيقة هذه بضع كلمات جالت في خاطري .. وأحببت أن أكتبها بين أيديكم ونفكر فما وصل حالنا مع جيراننا ونعيد الحبل المقطوع ونصلح الزجاج المكسور وتعود ايام الجوار المحمود بيننا وفي أحيائنا التي أصبحت فارغة ملئية بالمشاغل الكاذبة .