ما حيّةٌ ميتةٌ قامت بميِتتِها ... درداءُ ما أنبتتْ سناً وأضراسا ؟
تلك الشعيرةُ تُسقى في سنابلها ... خرجتْ بعد طول المُكث أكداسا
فقال عبيد :
ما السُّودُ والبيضُ والأسماءُ واحدةٌ ... لا يستطيعُ لهُنّ النّاسُ تَمسَاسَا ؟
تلك السحابُ إذا الرّحمانُ أرسلها ... روى بها من مُحول الأرضِ أيْبَاسَا
فقال عبيد :
ما مُرتجاتٌ على هَولٍ مراكِبُها ... يقطعنَ طولَ المدى سَيراً وَإمرَاسَا ؟
تِلكَ النّجُومُ إذا حانَتْ مَطالِعُهَا ... شبّهتُهَا في سَوَادِ اللّيلِ أقبَاسَا
ما القَاطِعاتُ لأرضٍ لا أنيس بها ... تأتي سِراعاً وما تَرجِعنَ أنْكاسَا ؟
تلك الرّياحُ إذا هَبّتْ عَوَاصِفُها ... كفى بأذيالهَا للتُّربِ كنّاسَا
فقال عبيد :
ما الفَاجِعاتُ جَهَاراً في عَلانِيَةٍ ... أشدُّ من فَيْلَقٍ مَملُوءةٍ بَاسَا ؟
تِلكَ المَنايَا فَمَا يُبقِينَ مِنْ أحدٍ ... يكفِتنَ حمقَى وما يُبقينَ أكيَاسَا
فقال عبيد :
مَا السّابِقَاتُ سِرَاعَ الطَّيرِ في مَهَلٍ ... لا تستَكينَ وَلَو ألجَمتَها فَاسَا ؟
تِلكَ الجِيادُ عليَها القَومُ قد سبحوا ... كانوا لهُنّ غَدَاةَ الرَّوْعِ أحلاسَا
فقال عبيد :
مَا القَاطِعَاتُ لأرْضِ الجَوّ في طَلَقٍ ... قبل الصّباحِ وَما يَسرِينَ قِرْطَاسَا ؟
تِلكَ الأمَانيُّ يَترُكنَ الفَتى مَلِكاً ... دونَ السّمَاءِ وَلم تَرْفَعْ لَه رَاسَا
فقال عبيد :
مَا الحاكمُونَ بلا سَمْعٍ وَلا بَصَرٍ ... ولا لِسَانٍ فَصِيحٍ يُعْجِبُ النّاسَا ؟
تِلكَ الموَازِينُ وَالرّحْمَانُ أنْزَلهَا ربُّ البَرِيّةِ بَينَ النّاسِ مِقيَاسَا