03-16-2015, 09:24 PM
|
|
|
|
من وصلكِ وصلته ومن قطعكِ قطعته
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يقول : ( قال الله تبارك وتعالى : أنا الله وأنا
الرحمن ، خلقت الرَّحِم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته
، ومن قطعها بتَتُّه ) رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في المسند ،
وصححه الترمذي والألباني .
معاني المفردات
الرحم : القرابة من ذوي النسب والأصهار .
وصلها : الصلة البر وحسن المعاملة ، وهي كناية عن الإحسان إلى
الأقربين والعطف عليهم , والرعاية لأحوالهم ، وقَطْعُ الرحمِ ضد ذلك
كله .
بتته : البت القطع .
فضل صلة الرحم
وردت أحاديث كثيرة ترغب في صلة الأرحام وتبين أجرها وثوابها ،
فصلة الرحم شعار المؤمنين بالله واليوم الآخر ، وفي الحديث : ( من
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ) رواه البخاري ، وهي من
أعظم أسباب زيادة الرزق والبركة في العمر ، قال - صلى الله عليه
وسلم - : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل
رحمه ) رواه البخاري ِ، وعند الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة
الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر ) .
وصلة الرحم توجب صلة الله للواصل ، وتتابع إحسان الله وخيره وعطائه
على العبد ، كما دل ذلك الحديث القدسي الذي بدأنا به الموضوع ،
وهي من أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان بالله وفي الحديث : (
أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم... ) رواه أبو يعلى
وحسنه الألباني .
كما أن صلة الرحم من أسباب دخول الجنة وفي الحديث يقول -
صلى الله عليه وسلم - ( يا أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام
، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام )
رواه أحمد و ابن ماجة .
من كبائر الذنوب
وقطيعة الرحم ذنب عظيم ، يفصم الروابط بين الناس ، ويشيع العداوة
والبغضاء ، ويفكك التماسك الأسري بين الأقارب ، ولأجل ذلك
جاءت النصوص بالترهيب من الوقوع في هذا الذنب العظيم ، وأنه من
أسباب حلول اللعنة وعمى البصر والبصيرة قال سبحانه : { فهل
عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك
الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم } (محمد: 23-22) ، وأن
عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة ، قال - صلى الله عليه وسلم - :
( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما
يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) رواه الترمذي وغيره ،
وأنه من أسباب حرمان الجنة ورد الأعمال على صاحبها ، ففي البخاري
من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
: ( لا يدخل الجنة قاطع ) وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان
جالساً بعد الصبح في حلقة فقال : " أنشد الله قاطع الرحم لما قام عنا
، فإنا نريد أن ندعو ربنا، وإن أبواب السماء مرتجة - أي مغلقة -
دون قاطع الرحم " .
بم تكون الصلة ؟
صلة الرحم تكون بأمور عديدة منها زيارتهم والسؤال عنهم ، وتفقد
أحوالهم , , والإهداء إليهم , , والتصدق على فقيرهم ، وتوقير كبيرهم
, ورحمة صغيرهم وضعفتهم ، ومن صلة الرحم عيادة مرضاهم ، وإجابة
دعوتهم ، واستضافتهم ، وإعزازهم وإعلاء شأنهم ، وتكون - أيضًا -
بمشاركتهم في أفراحهم , ومواساتهم في أتراحهم , والدعاء لهم ,
وسلامة الصدر نحوهم , وإصلاح ذات البين إذا فسدت , والحرص
على توثيق العلاقة وتثبيت دعائمها معهم ، وأعظم ما تكون به الصلة ,
أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى , وأمرهم بالمعروف ونهيهم
عن المنكر ، وبذل الجهد في هدايتهم وإصلاحهم .
ليس الواصل بالمكافئ
وقد يصل البعض أقاربَه وأرحامَه إن وصلوه ، ويقطعهم إن قطعوه ،
وهذا ليس بواصلٍ في الحقيقة ، فإن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة
ومجازاة للمعروف بمثله ، وهو أمر لا يختص به القريب وحده ، بل هو
حاصل للقريب وغيره ، أما الواصل - حقيقةً - فهو الذي يصل قرابته
لله ، سواء وصلوه أم قطعوه ، وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم -: (
ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها
) رواه البخاري .
وقد كان هذا حال الواصلين لأرحامهم على هذه الصورة من الإحسان
حتى مع اختلاف الدين ، يشهد لذلك ما ورد أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أهديت له حلل كان قد قال عن مثلها : ( إنما يلبس
هذه من لا خلاق له ، فأهدى منها إلى عمر ، فقال عمر كيف ألبسها
وقد قلت فيها ما قلت ؟ قال : إني لم أعطكها لتلبسها ، ولكن تبيعها
أو تكسوها ، فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم )
رواه البخاري .
ثم إن أفضل الوصل مقابلة الإساءة والعدوان بالبر والإحسان ، ولما
جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له : إن لي
قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم
ويجهلون علي ، قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( لئن كنت كما
قلت فكأنما تُسِفُّهُم الملَّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت
على ذلك ) رواه مسلم ، والملُّ هو الرَّماد الحار ، فكأنه شبه ما
يلحقهم من الألم والإثم - والحالة هذه - بما يلحق آكل الرماد الحار
.
فهذا مما يبقي على الودّ ، ويحفظ ما بين الأقارب من العهد , ويهون
على الإنسان ما يلقاه من إساءة أقاربه ، ومقابلة معروفه بالنكران ،
وصلته بالهجران ، وفيه حث للمحسنين على أن يستمروا في إحسانهم
، فإن الله معهم ومؤيدهم ومثيبهم على عملهم .
|
lk ,wg;A ,wgji ,lk r'u;A r'uji ,Hk ,wgji ,wg;A r'uji r'u;A
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:10 PM
|