03-01-2015, 10:06 AM
|
|
|
|
حكم قول ]الزمن قاسي[…؟
*السﻼم عليكم ورحمة الله وبركاتهه
ما يتعلّق بنحو تلك اﻷلفاظ يكون على قسمين :*
اﻷول : ذمّ الزمن أو الوقت أو الدَّهر .*
الثاني : مُجرّد وصف .
فاﻷول منهي عنه ، وقد يصِل بصاحبه إلى الشرك بالله ، إذا نَسَب الفعل إلى غير الله .
فَنِسْبَة التعاسة إلى الدّهر والزمان ، بل ونسبة الفقر والديون إليه ، خطأ مِن جِهتين :
اﻷولى : نسبة اﻷفعال إلى الزمان ، وهذا قد يصِل بصاحبه إلى الشرك ، إذا اعتقد أن الزمان يفعل كذا . وهذا كَحَال الذين قالوا : (مَا هِيَ إِﻻَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِﻻَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِﻻَّ يَظُنُّونَ) .
الثانية : أنه مُتضمّن لِسَبّ الدّهر المنهي عنه ، كما قال تعالى في الحديث القدسي : يَسُبّ بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار . رواه البخاري ومسلم .*
وكما في قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : يؤذيني بن آدم يقول : يا خيبة الدهر . فﻼ يقولن أحدكم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أقلَّب ليله ونهاره ، فإذا شئت قبضتهما . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله : في هذا ثﻼث مفاسد عظيمة :*
إحداها : سَـبّه مَن ليس بأهل أن يُسَبّ ، فإن الدهر خَلْق مُسَخّر مِن خَلْق الله ، مُنْقَاد ﻷمْرِه ، مُذَلّل لتسخيره ؛ فَسَابّـه أولى بالذم والسب منه .
الثانية : أن سَـبّه مُتَضَمّن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يَضُرّ وينفع ، وأنه مع ذلك ظالم قد ضَرّ مَن ﻻ يستحق الضرر ، وأعطى من ﻻ يستحق العطاء ، ورفع من ﻻ يستحق الرفعة ، وحَرَم مَن ﻻ يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه مِن أظلم الظَّلَمة . وأشعار هؤﻻء الظلمة الخونة في سَـبّه كثيرة جدا ، وكثير مِن الْجُهّال يُصَرّح بِلَعْنِه وتَقْبِيحِه .*
الثالثة : أن السبّ منهم إنما يَقَع على مَن فَعل هذه اﻷفعال التي لو أتبع الحق فيها أهواءهم لَفَسَدَتِ السماوات واﻷرض ، وفي حقيقة اﻷمر فَرَبّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافض الرافع ، الْمُعِزّ الْمُذِلّ ، والدهر ليس له من اﻷمر شيء ؛ فَمَسَبّتهم للدهر مَسَبّة لله عز وجل . اهـ .
مع ما فيه أيضا من سوء اﻷدب مع الله ، ﻷن هذا يُشبه حال الذي قال : أهانن ، كما في قوله تعالى : (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَﻼهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) .
وأما الوَصْف الخالي من الذم ، فإنه ﻻ يُمنع منه ، فقد وصف الله اﻷيام بالنَّحس وبالشؤم ، فقال عن عاد : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .
وقال عنهم : (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا) .
قال أهل العلم بتأويل القرآن في قول الله عز وجل : (فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) قالوا : مشائيم . قال أبو عبيدة : نحسات ذوات نحوس مشائيم . قاله ابن عبد البر في التمهيد .
وقال البغوي : (نَحِسَاتٍ) أي نكدات مشؤمات ذات نحوس . اهـ .
وقال تعالى عن عاد أيضا : (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)*
قال القرطبي : أي دائم الشؤم استمر عليهم بِنُحُوسِه ، واستمرّ عليهم فيه العذاب إلى الهﻼك . اهـ .
فهذا من باب الوصف ، ﻻ من باب الذمّ .
وليس من اﻷدب وصف الزمن بالقسوة ، وﻻ بالخيانة ، وﻻ بالْجَرْح ؛ ﻷن الزمن هو الوقت الذي يُجري الله عزّ وَجَلّ فيه اﻷفعال .*
فالزمن ليس منه شيء ، وﻻ يُنسب إليه شيء .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة واﻹرشاد*
_________________________________________
p;l r,g Dhg.lk rhsdF…? hg.lk p;l rhsd…? r,g
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
الموضوع |
كاتب الموضوع |
المنتدى |
مشاركات |
آخر مشاركة |
بين طيات الزمن.
|
سراج المحبة |
زوايا عامه |
19 |
01-11-2015 04:24 PM |
صاحبات السمو
|
اغراب |
زوايا عامه |
10 |
09-18-2014 01:00 PM |
الساعة الآن 07:08 PM
|