02-09-2015, 12:46 PM
|
|
|
|
الخصائص النبوية , ليست كل تصرفاته وحي
( الخصائص النبوية , ليست كل تصرفاته وحي )
فإذا كانت أنواع الوحي بهذه الصورة من الشدة والصعوبة ، لزم العلم يقينا بأن كل تصرفاته صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا ليست وحيا , باعتبار أن الأصل في نزول جبريل عليه السلام على النحو الذي أوردناه سابقا هو بغرض إبلاغ القرآن ، تنفيذا لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك)(20)وهذا هو معنى قوله تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)(21) وحالات أخرى كان ينزل فيها جبريل عليه السلام وهي وإن كانت كثيرة ، كما لم يكن تنزله فيها مباشرة على قلب رسول الله ، وليست بالشدة والقوة التي قلنا بها في بداية نزول الوحي ، إلا أنها لا تشمل كل تصرفاته ولا تشمل كل أقواله وأفعاله ، ومنها على سبيل المثال نزوله يوم بدر : قال عكرمة عن ابن عباس أيضا أن النبي قال يوم بدر " هذا جبريل آخذ رأس فرسه عليه أداة الحرب "(22) ونزوله لتعليم المسلمين أمور دينهم : فيما رواه مسلم وغيره في صحيحه عن عمر بن الخطاب قوله بينما نحن عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب (وعدد عمر الأمور التي سأل هذا الرجل إياها رسول الله) فلما انتهى قال رسول الله ياعمر أتدري من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم
(23) ونزوله بالأحاديث القدسية ، وكذا نزوله لمدارسة القرآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ، قال أبو الفضل العسقلاني في فتح الباري " كان أجود ما يكون حين يلقاه جبريل في كل ليلة من شهر رمضان حتى ينسلخ رمضان " ثم يقول " لأن فيه كان يعرض جبريل على النبي وكان النبي يعرض على جبريل "(24) والقول بأن كل تصرفاته وحي تأسيسا على قوله تعالى "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى" فيه نظر , إذ لا يتصور أن يكون كل ما يتلفظ به ويقوله ينزل به الوحي ولا يتصور أن يكون المراد تعلق ذلك بالأمور الشرعية عنه صلى الله عليه وسلم ، حيث أن كل أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم هي تشريع واجب العمل به بما في ذلك بعض جبلياته كطريقة أكله وشربه وجلسته ونومته ، وأيضا ليس المراد بالآية الأحاديث النبوية جنبا إلى القرآن . إذ أن كل أقواله وأفعاله وما أقر عليه غيره أو لم يقره عليه , أو حتى ما أسره وما أغضبه أو ما أبكاه وما أضحكه يعتبر حديثا نبويا ومصدرا أساسيا من مصادر التشريع الإسلامي فمثلا سأله سائل عن الحج أكل عام ؟ { سأله ثلاثا }وهو يسكت . ثم قال له لو قلت نعم لوجبت (25) فلم يكن سكوته صلى الله عليه وسلم انتظارا للوحي يجيب عنه أو يدله , إنما كان إعراضا عن الرجل , بينما كان يسكت عن الجواب أحيانا جهلا به إلى أن ينزل عليه الوحي بالجواب , مثلما روي عن جابر أنه سأل رسول الله عند مرضه عن ماله كيف يقضي فيه فقال : فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث
(26) ومثلما سُأل عن الروح وذي القرنين (27) وإلا كيف أرجأ توقيع عقوبة الرجم على الغامدية التي زنت فاعترفت بذنبها حتى تضع حملها وتفطم صغيرها وكذا ماعز بن مالك (28) ؟ كيف وافق على صيغة الأذان التي قالها عمر ولم يوافق على غيرها ؟ ،وذلك فيما رواه بن عمر قال
" كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم بل قرنا مثل قرن اليهود ، فقال عمر أفلا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله "قم يا بلال فناد بالصلاة "،وعنه أيضا أن بلالا أول ما أذن قال أشهد أن لا إله إلا اله حي على الصلاة فقال له عمر وأشهد أن محمد رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم قل كما أمرك عمر (29) فهذان مثالان على تصرفه التلقائي البشري دون انتظار للوحي ، ولو كانت كل تصرفاته قولا أو فعلا أو تقريرا وحيا من لدن الخبير العليم لما عاتبه الله سبحانه وتعالى في بعض المواضع مثل موقفه من أسرى بدر حينما استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسرى يوم بدر فقال "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس" فقام عمر فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم فعفا عنهم وقبل منهم الفداء (30) فنزل قوله تعالى (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
(31) فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة) (شجرة قريبة كانت من نبي الله صلى الله عليه وسلم) وأنزل الله عز وجل " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)" إلى قوله تعالى:" فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً)" (32) ، ولما وافق صلى الله عليه وسلم على رأي الحباب بن المنذر في مطلع ذات الغزوة عندما سأله الأخير عن منزله بماء بدر أمنزل أنزله الله تعالى إياه فلا يتقدم عليه ولا يتأخر أم هي الحرب والمكيدة ؟ فقال بل الرأي والحرب والمكيدة ، فقال يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراء القُلُب ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماءا فنشرب ولا يشربون فاستحسن النبي ذلك من رأيه وفعل ما أشار به .
hgowhzw hgkf,dm < gdsj ;g jwvthji ,pd hgowhzw hgkf,dm jwvthji
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:23 AM
|