لماذا ينتحرون ..؟؟

لماذا , ينتحرون

لماذا ينتحرون ..؟؟

الممثل الأمريكى العالمى جيج يونج قتل زوجته ثم قتل نفسه رميا بالرصاص..
والممثل الفرنسى شارل بوابيه مات منتحرا وكذلك ماتت زوجته منتحرة وكذلك مات ابنه منتحرا
ونجمة الإغراء مارلين مونرو قتلت نفسها بالحبوب المنومة,..
وسوزان هيوارد دمرت حياتها بالخمر..
والان ديون دمر حياته بالمخدرات..
وأفا جاردنر لا تفيق من السكر
ومارلين ديترتش أصباها جنون السرقة..
وجريتا جاربو أصابها جنون الأختفاء..
وبين ممثلينا وممثلاتنا كثيرون وكثيرات أدمنوا الشراب لدرجة التلف.
هل هذا هو الفن؟؟!!
إن الفن يقظة وانتباه ووعى وليس غيبوبة ..والإبداع الفنى صحو ,بل هو منتهى الصحو .
ولا يخرج الإبداع من ضباب المخدرات ولا ينمو فى بحيرات الخمر ,والفنان المغمى عليه لا يخرج منه شئ.
إنما هو الوسط والمناخ وتقاليد المهنة والشباب والكسب السهل ,ثم أدوار الحب التى تعود أن يعيش فيها النجوم بين أضواء الكاميرات وضجيج الإعجاب..ثو لا يعود النجم بعد ذلك يدرى متى ينتهى التمثيل ومتى يبدأ الواقع..
ثم هذة العادة السيئة التى أدمنتها السينما العصرية وتنافس فيها المنتجون ..
عادة تعرية الممثل والممثلة وعرض تفاصيل الحب على الشاشة الكبيرة.
ابتذال السرية والخصوصية وعرضها عمومية مطلقة لكل العيون.
التفريط الذى يصبح عادة.
والتفريط يؤدى بالتبعة إلى الإفراط.
ونتيجة التفريط والإفراط ألا تعود الحياة تساوى شيئاً
تفسد الفطرة بتوظيف الأشياء فى غير مكانها ..وتنتهك الأسرار بعرضها فى غير إطارها.
وتلك هى الثغرة فى حياة النجم التى تظل تتسع وتتسع حتى تقضى عليه.
ثم هناك أزمة النجمة التى تعيش على جمالها ثم ترى جمالها يذبل ,وترى
الأضواء تنحسر عنها ,وترى نفسها تدخل فى منطقة الظلام ,ثم تختفى أخبارها ,ثم لا يعود يسأل عنها أحد..
وهو أمر يحدث فجأة بين يوم وليلة تماماً كما فى الروايات,فجأة ينزل ستار
النسيان وتنفجر فقاعة الضجيج وتنتهى الشهرة العريضة إلى لا شئ,
تلك هى حياة النجوم ..مكياج.. ديكور..وأضواء..وإشاعات..وبريق مثل بريق السراب..ثم ما يلبث أن ينطفئ كل شئ ..ولا تبقى سوى فطرة أفسدتها حياة مفتعلة غير طبيعية وذكريات نسجتها الأوهام.
إن النجوم لايحسدون على ماهم فيه من ثراء وذيوع وانتشار..فإنها صنعةمكلفة..تكلفهم حياتهم ودنياهم وآخرتهم ثم لا يبقى منهم ولا شئ.
وكما يأتى الأنتحار نتيجة لحياة مادية متطرفة كذلك يمكن أن يأتى نتيجة لتدين متطرف وتطهر مريض مبالغ فيه.
إن ما أمر به المسيح من قتل النفس (ومراد المسيح كان بالطبع قتل الشهوات)..هذا الأمر يمكن أن يصل بالمتطرف إلى رهبانية خاوية قاسية,أو إلى قتل جماعى كما فعل الأب جيم جونز وظائفته فى موعظة الانتحارالجماعى مردداً آية المسيح (من قتل نفسه من أجلى وجدها)..
وأهل التطرف من اليمين لليسار ,ومن أهل الدين والدنيا هم فى الحقيقة أصحاب مبدأ واحد ،وهم واقفون على أرض واحدة مهما خيل لهم أنهم مختلفون ..وهى أرض الرفض الكامل والكفر الكامل بكب شئ..ويمكن أن يتمثل هذا الرفض الكامل فى قتل الآخرين أو قتل النفس.
والشر يمكن أن يتستر وراء الأقنعة المزيفة ويمكن أن يكسوة العقل بالمبررات,ويمكن أن تتوسل إليه النفوس المجرمة بالدين وبكلمات الأنبياء..ولكنه يظل دائما شرا.
وقارب النجاة فى هذا الخضم من الشرور التى تترصد الكل ..هو الاعتدال .. والفهم الحقيقى للفضيلة بأنها الوسط العدل بين المتناقضات فهى لا يمكن أن تكون تهوراً..كما أنها لايمكن أن تكون جبناً..وهى لا يمكن أن تكون بخلا ,كما لا يمكن أن تكون إسرافاً..وإنما دائماً فى الوسط العدل الذى هو الشجاعة والكرم.
وذلك هو الوسط بين نجمة الإغراء مارلين مونرو وبين الأب القسيس جيم جونز.. بين أنتحار أهل اليمين وانتحار أهل اليسار..
ولكن بلوغ شاطئ الاعتدال أمر إيجابى يتم من خلال صراع ومجاهدة للنفس وللغرائز,ومغالبة للنوازع بين شد اليمين وشد اليسار ,وهو ليس أمراً سلبياً يأتى بالهروب والإغماء والاغتراب وعدم المبالاة..وهو أيضاً ليس ثمرة ضعف بل ثمرة قوة وليس ثمرة غيبوبة بل ثمرة وعى..
وشاطئ الاعتدال هو الصراط المستقيم بعينة ,وهو الحق بنفسه ,وهو لا يأتى نتيجة قراءة عفوية لمقال ,وإنما يأتى نتيجة ثمرة لإيمان يمازج القلب والجوارح .. ومعاناة تثمر الصحو.
ولنؤمن بالحق لابد أن نكون على صلة بالحق .والحق هو الله سبحانه وتعالى ,وهذا يعود بنا إلى الدين كمنبع وحيد للأخلاق والتكامل.
الدين إذن هو همزة الوصل الناقصة التى تؤدى إلى هذه الانفجارت الانتحارية ,وهو همزة الوصل الناقصة وراء كل تطرف عدوانى أو هروبى.
وغياب الدين من الساحه وراء كل هذه الظواهر التى تملأ أعمدة الأخبار.
وإدعاء الدين نفاقاً وكذباً وانتهازاً أخطر من غيابه.
واستغلال الدين والتستر خلف راياته أخطر من الكفر.
وتلك هى الثغرات التى تتسلل منها كل الجرائم.


مقال للدكتور مصطفى محمود
الله يرحمه

المصدر: منتديات تراتيل شاعر - من قسم: زوايا عامه

---

glh`h dkjpv,k >>??