11-30-2022, 07:36 AM
|
|
|
|
ثلاث آيات غلب الشيطان الناس عليها
ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهنَّ، ثم ذكرها، وروى قتادة عن يحيى بن يَعْمر قال: ثلاث مُحْكَمَاتٌ تركهن الناس.
وفي السطور التالية بيان للآيات الثلاث ومعانيها وبعض ما يُستفاد منها:
الآية الأولى:
قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ... ﴾ [النور: 58] إلى آخر الآية.
هذه الآية الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض، وما تقدَّم في أول السورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم، وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحُلُم، في ثلاثة أحوال: الأول من قبل صلاة الفجر؛ لأن الناس إذ ذاك يكونون نيامًا في فُرُشهم، وفي وقت القيلولة؛ لأن الإنسان قد يضع ثيابه في ذلك الحال مع أهله، ومن بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت النوم، فيُؤمر الخدم والأطفال ألَّا يدخلوا على أهل البيت في هذه الأحوال دون استئذان، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث.
ولما كانت هذه الآية مُحْكَمَة ولم تُنْسَخ بشيء، وكان عمل الناس بها قليلًا جدًّا، أنكر عبدالله بن عباس ذلك على الناس، فقال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهنَّ، وفي رواية: غلب الشيطان الناس على ثلاث آيات، فلم يعملوا بهنَّ.
وروى أبو داود عن ابن عباس قال: آية لم يؤمن بها أكثر الناس- آية الإذن - وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن عليَّ.
وسُئل الشعبي عن هذه الآية، فقال: لم تُنْسَخ، قيل له: فإن الناس لا يعملون بها، فقال: الله المستعان[1].
وفي هذه الآية فوائد، منها:
• أن السيد ووليَّ الصغير، مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد، العلمَ والآدابَ الشرعيَّةَ؛ لأن الله وجَّه الخطاب إليهم بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ﴾ الآية، ولا يمكن ذلك، إلا بالتعليم والتأديب.
• الأمر بحفظ العورات، والاحتياط لذلك من كل وجه، وأنه ينهى عن الاغتسال والاستنجاء في المحل والمكان الذي هو مظنَّة لرؤية عورة الإنسان فيه.
• جواز كشف العورة لحاجة؛ كالحاجة عند النوم، وعند البول والغائط، ونحو ذلك [2].
الآية الثانية:
قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8].
قال القرطبي: بيَّن الله تعالى أنَّ من لم يستحق شيئًا من الإرث، وحضر القسمة- وكان من الأقارب أو اليتامى والفقراء الذين لا يرثون- أن يُكرموا ولا يُحرَموا، إن كان المال كثيرًا، والاعتذار إليهم إن كان عقارًا أو مالًا قليلًا، فإن أعطوا من القليل، فللمعطي أجر عظيم،... وهذا على جهة الندب والترغيب في فعل الخير، والشكر لله عز وجل، وليس على جهة الفرض.
وقوله تعالى: ﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾قال سعيد بن جبير: يقال لهم: خذوا بورك لكم، وقيل: قولوا مع الرزق: وددْتُ أن لو كان أكثر من هذا.
وقيل: إن أعطوا فلا حاجة للاعتذار، نعم إن لم يصرف إليهم شي فلا أقل من قول جميل ونوع اعتذار.
قال ابن جبير: ضَيَّعَ الناس هذه الآية، وقال الحسن: هذه الآية محكمة وليست منسوخة، ولكن الناس شَحُّوا [3].
وقال العلَّامة السعدي: أي: أعطوهم ما تيسَّر من هذا المال الذي جاءكم بغير كدٍّ ولا تعبٍ، ولا عناءٍ ولا نَصَبٍ، فإن نفوسهم متشوِّفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضرُّكم وهو نافعهم، وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب.
ويُؤخَذ من المعنى أن كل من له تطلُّع وتَشَوُّف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسَّر... وهذا كله مع إمكان الإعطاء، فإن لم يمكن ذلك - لكونه حقَّ يتامى أو صغار، أو هناك ما هو أهم من ذلك- فليردوهم ردًّا جميلًا، بقول حسن غير فاحش ولا قبيح [4].
وقد دلَّت آياتٌ كثيرةٌ على جبر المنكسر قلبه، ومن تشوَّفت نفسه لأمر من الأمور، وهذه قاعدة لطيفة، وأصل قد اعتبره الله، وأرشد إليه، فينبغي للعبد أن يكون هذا على باله في وقت المناسبات، ويعتبره عند وجود سببه[5].
الآية الثالثة:
قوله تعالى في سورة الحجرات: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
والكرم بمعنى الشرف، ومن اتقى الله عز وجل عَزَّ وشرف؛ لأن التقوى تحمله على أسباب العز؛ فإنها تبعده عن الطمع في كثير من المباح فضلًا عن المأثم، وما ذَلَّ إلا من أسره هواه [6].
قال القرطبي: وفي هذه الآية ما يدلك على أن التقوى هي المُراعى عند الله تعالى وعند رسوله دون الحسب والنسب، وقرئ: ﴿ أنَّ ﴾ بالفتح، كأنه قيل: لمَ لا يتفاخر بالأنساب؟ قيل: لأن أكرمكم عند الله أتقاكم لا أنسبكم.... والتقوى معناها مراعاة حدود الله تعالى أمرًا ونهيًا، والاتِّصاف بما أمرك أن تتصف به، والتنزُّه عمَّا نهاك عنه[7].
وفي خطبة الوداع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، ألا إنَّ ربَّكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى))[8].
• وأصلُ التَّقوى في القُلوب، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله، وحينئذٍ، فقد يكونُ كثيرٌ ممَّن له صورةٌ حسنةٌ، أو مالٌ، أو جاهٌ، أو رياسةٌ في الدنيا، قلبه خرابًا من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءًا مِنَ التَّقوى، فيكون أكرمَ عند الله تعالى؛ بل ذلك هو الأكثر وقوعًا، كما جاء في الأحاديث[9].
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصَّتُه، وأن يجعلنا ممَّن يحلُّ حلاله، ويُحرِّمُ حرامَه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، ويتلوه حق تلاوته، اللهُمَّ آمين.
eghe Ndhj ygf hgad'hk hgkhs ugdih hgad'hk hgkhs eghe
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:41 AM
|