نحن نشبه الكتب، قد يحسن البعض قراءتنا سطرا سطرا، وحرفا حرفا. وقد يزهد البعض فينا من مجرد الاطلاع على الغلاف! وهم يعلمون يقينا أننا لا نملك أن نغير من أغلفتنا شيئا، فالعناوين المنحوتة على ملامحنا هبات من الرحمن، الكثيرون يمرون بأعينهم على صفحات وجوهنا وكأنهم يحدقون في فراغ، لم يشعروا بنا.
قديما؛ كنا أوراقا فارغة، فملأها آباؤنا وأمهاتنا بالكلمات، لا يملك الواحد منا أن يمحو طباعه وصفاته وشمائله، ولا حتى الذكريات المدونة في حناياه.
التقيت مرة بعجوز لطيفة، وكانت جلستنا تشبه قراءتي لرواية، كنت أنصت لصوتها المبحوح والمشاهد تدور في عقلي وكأنني أجول هناك في ماضيها، قرأتها بشجن، كانت رواية شائقة. وكثيرا ما كانت حواراتي مع صديقاتي كقراءة الكتب الفكاهية الساخرة، كل واحدة منهن تضحكني على حالنا وحال أولادنا وما نمر به من مغامرات معهم، على الهاتف، وفي رسائلنا، وعندما نلتقي بعد غياب طويل، أحببت سطورهن العامرة بالحب. بعض من يراسلونني هنا يشبهون الروايات الرومانسية الحزينة، لكل منهم سر وقصة يعيشها ووجع ينطوي عليه، لم أصل معهم للنهايات، فقد أفلتت الكتب من يدي. عندما كنت صغيرة؛ كان الجلوس مع الكبار يشبه الاطلاع على كتب التاريخ، أتعرفونها؟ تلك العتيقة بأوراقها الصفراء المهترئة، أنصت إليهم كما أنصت للراوي العليم الذي يطل بعينيه من بين سطور رواية متقنة، كانوا لا يهملون التفاصيل الدقيقة.
عجبا لأحوالنا! وكأننا كتب على رفوف مكتبة ما، بطريقة ما، في خيال أحدهم.
ألم أخبركم من قبل؟ أن تلك الكتب حية، تتنفس، تعيش، تشعر بنا!
تماما كحالك أنت الآن!