الغيرة
من الضروري الإشارة إلى الأسباب والبواعث التي تكمن وراء الشكوك وإساءة الظن، وعلى أساس البحث، من خلال رسائل الشباب وبعض وجهات النظر، يمكن الإشارة إلى ما يلي.
- التسيّب:
قد يبدو الزوجان من خلال المعاشرة مع الآخرين في حالة من التحلل وعدم الالتزام؛ خاصة لدى حضورهما معاً في المحافل العامة، وخاصة في أحاديثهما أو إطلاق الضحكات التي تجعلهما محلاً للانتقاد، وقد يبدو أنهما متساهلان في ذلك، ولكن التراكمات تتجمع في الأعماق؛ مما يولّد الحقد الذي يظهر في أول فرصة مناسِبة.
ـ الغيرة:
وهي أحد عوامل سوء الظن والشك؛ إذ إنها تضخّم الرؤية لدى أحد الطرفين، وتجعله يرى الأشياء على غير ما هي عليه؛ مما تدفعه إلى تعنيف الطرف الآخر بشدة متّهماً إياه بالعمل على تدمير الحياة الزوجية.
ـ الأنانية والمغامرة:
يعاني بعض الشباب من استمرار حالة الطفولة، ولذا فإنهم يتصرفون كما لو كانوا أولاداً طائشين؛ فبمجرد ما تُصور لهم أوهامهم شيئاً، تتأجّج في أعماقهم روح المغامرة، ومن ثَم يبدأ النزاع الذي يحاول البعض، ومع الأسف، تصعيده انطلاقاً من لؤمهم وانحطاط نفوسهم.
ـ السرية في العمل:
قد يشعر الرجل أو المرأة بوجود أعمال في الخفاء، الأمر الذي يثير الشكوك لديهما، وعندما تتجذر حالة الشك في النفس، تتحول إلى سوء ظن مزمن يفسّر الأمور على غير حقيقتها، وبالتالي يفجّر حالة الصراع.
ـ الأمراض:
المراد من الأمراض هنا الأمراض النفسية بصورها المتعددة؛ فهناك حالة الوسوسة التي قد يعاني منها الرجل أو المرأة؛ فيجرّ حياتهما المشتركة إلى الشقاء، وهناك الضعف العصبي، أو بعض العُقد القديمة التي تعود إلى أيام الطفولة، وكل ما يجعل الروح تعيش في حالة من الضيق بالآخرين والتشكيك بهم.
.
ـ وضع القيود:
يحاول البعض وضع القيود في أيدي أزواجهم؛ بحيث يشلّهم عن الحركة؛ بل وحتى التنفس في جوّ صحي؛ مما يدفع بالطرف المقابل إلى الشعور باستحالة استمرار الحياة الزوجية بهذه الوتيرة، ومن ثَم التمرد ومحاولة التخلص من الوضع المهين والمُذلّ.
- تدخُّل عوامل خارجية في العلاقة:
ينشأ سوء الظن بسبب تدخُّل بعض العوامل الخارجية، من قَبيل تحريض بعض الأعداء المتلبسين بثوب الصداقة، ومع الأسف فإن مجتمعنا يعجّ ببعض الأفراد الذين لا يمكنهم تحمُّل رؤية سعادة واستقرار الآخرين؛ فيحاولون توجيه ضرباتهم المسمومة للإطاحة بالأسر السعيدة.. ولو كان هناك أقل يقظة من جانب الزوجين، ما أمكن لهؤلاء المنحطّين أن ينجحوا في تآمرهم الدنيء هذا.
* آثار سوء الظن والشك على الحياة الزوجية:
التسيّب
إنَّه مما لا شك فيه، أن لسوء الظن والشكوك بين الزوجين أثراً كبيراً على حياتهما الزوجية؛ إذ تُحيلها إلى جحيم لا يُطاق، وتولِّد جوّاً من الاضطرابات والقلق وعدم الاستقرار.
- يفرّق الشك بين الأزواج، ويُشرّد الأبناء، ويصبحون عالة على المجتمع، ويصبحون ذوي نفسية معقّدة وشخصيات مهزوزة، ويكبرون بتلك الشخصيات لتكوين أُسر بنفس الشكل مرة أخرى.
- إن سوء الظن يؤدي إلى انعدام الثقة بين الناس؛ فالأصل عند من يسيء الظن، هو إساءة الظن بجميع الناس من حوله من دون استثناء، بمن فيهم أقرب الناس إليه؛ مما يؤدي إلى نفورهم منه وتركه وحيداً هو وأفكاره وشكوكه السيئة.
- إن مسيء الظن في الغالب، يشعر بأنه فطنٌ ذكيٌ يفهم الناس ويَحذر أذاهم قبل وقوعه، ولكنه لا يعلم أنه يقترف ذنباً كبيراً بحق نفسه وبحق الآخرين.
- سوء الظن من أسوأ الأمراض الاجتماعية التي تؤدي بالمجتمعات الإنسانية إلى التهلكة، وتحرمها من حلاوة الشعور بالتماسك والتلاحم والتراحم والمحبة بين أفرادها. فكم من قصة مأساوية سمعنا عنها أو شاهدناها، كانت نتيجة سوء ظن الناس ببعضهم؟ وكم مِن تفرُّق بين الأهل والأحباب والأصحاب، كان سببه سوء الظن؟